للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المصباح: سرحت الإبل سرحاً من باب نفع, وسروحاً رعت بنفسها، وسرحتها يتعدى ولا يتعدى وسرَّحتها -بالتثقيل- مبالغة وتكثير (١) .

والمراد: ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خلقها لكم جمال حين تردونها من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تؤوي إليها، ولذا يسمى المكان المراح لأنها تراح إليه عشياً فتأوي إليه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة، وقوله تعالى: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} قال الطبري: أي في وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى مسارحها، يقال: سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحاً إذا أخرجها للرعي غدوة، وٍسرحت الماشية إذا أخرجت للرعي تسرح سرحاً وسروحاً، فالسرح بالغداة والإراحة بالعشي. (٢)

وقوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} أي ما يثقل الإنسان حمله من الأمتعة والطعام وغيره، فالأثقال جمع ثقيل, سميت أثقالاً لأنها تثقل الإنسان وتتعبه؛ أو لأنها ثقيلة الحمل، قال الراغب: الثقل والخفة متقابلان فكل ما يترجح على ما يوزن به أو يقدر به يقال له ثقيل وأصله في الأجسام ثم يقال في المعاني نحو أثقله الغرم والوزر، قال: وقوله: {أَثْقَالَكُمْ} أي أحمالكم الثقيلة (٣) .

قوله تعالى: {بِشِقِّ الأَنفُسِ} أي: بجهدها -بكسر الشين وفتحها- وهما لغتان بمعنى المشقة وبينهما فرق وهو أن المكسور بمعنى النصف كأنه يذهب نصف قوته


(١) - المصباح المنير ١٦٥.
(٢) - ذكر ذلك الإمام ابن جرير الطبري ج٨ص٩٧.
(٣) - المفردات ٨٥و٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>