للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل العقل إلا حجة مستنيرة......ونور هدى ما أن تضل دلائله

بحسبك أن العقل زين لأهله ... وإن ليس في الخيرات شيء يعادله (١)

وقد نسب إلى كسرى: من لم يكن العقل أكثر ما فيه قتله أكثر ما فيه, وكأن العلامة علي بن احمد خريصة رحمه الله عرف ذلك فنظمه كما هو ظاهر الأبيات السالف بيانها.

أما أبو العلاء المعري فهو يرى أن العقل قطبٌ وأمور الناس كافه كلها رحى تدور حوله, فبه تدبر كل الأمور, وقد أوجز ذلك بقوله:

اللب قطبٌ والأمور له رحىً ... فبه تدبر كلها وتدار (٢)

فإذا كان العقل حجة فاسلك به المحجة, قال أبو حاتم: العقل دواء القلوب, ومطية المجتهدين, وبذر حراثة الآخرة, وتاج المؤمن في الدنيا, وعدته في وقوع النوائب, ومن عدم العقل لم يزده السلطان عزاً, ولا المال يرفعه قدراً, ولا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذة دنياه, فكما أن أشد الزمانة الجهل كذلك أشد الفاقة عدم العقل, فالواجب على المرء: أن يكون لرأيه مسعفاً, ولهواه مسوفاً, فإذا اشتبه عليه أمران اجتنب أقربهما من هواه, لأن في مجانبة الهوى إصلاح السرائر, وبالعقل تصلح الضمائر.


(١) - وردت هذه الأبيات في مقدمة العلامة صلاح الهاشمي الجزء الثاني من كتاب الأحكام للهادي: وهو الإمام العلامة المجتهد الهادي إلى الحق: يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم, ولد بالمدينة سنة ٢٤٥هـ، واستدعاه أهل اليمن فخرج إليهم سنة ٢٨٠هـ, توفى بصعدة سنة ٢٩٨. ومن مصنفاته: الأحكام, والفنون, والمنتخب, وغيرها, وإليه يعود الفضل في انتشار المذهب الزيدي في اليمن, الطبعة الأولى ١٤١٠هـ, ص٤.
(٢) - لزوم ما لا يلزم لأبي العلاء المعري ج١ص٣٢٦, الطبعة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>