وقليل من الناس من يتخلق بالوفاء ويلتزم في اختيار الصديق الوفاء, فالأخ الصديق هو الذي ينصرك مظلوماً بالعون, وينصرك حينما تكون ظالماً بردك عن ظلمك, كما جاء في الحديث النبوي الشريف:(انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا, فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ, قَالَ: تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ)(١) .
فالعاقل يصطفي جليسه ومن يؤاخيه, فلا يؤاخي اللئام, ولا يصادق أصحاب الدناءة والمذام, لأن اللئيم كالحية الصماء لا يوجد عندها إلا اللدغ والسم, وإنما يؤاخي الكريم الكرام, وقد روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثمانية عشر كلمة كلها حكم, قال: ما كافأت من يعصي الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه, وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك, ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شراً وأن تجد لها محملاً, ومن تعرض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن, ومن كتم سره كانت الخيرة في يديه, وعليك باخوان الصدق فعش في أكنافهم, ولا تعرض لما لا يعنيك, ولا تسأل عما لم يكن فإن فيما كان شغل عما لم يكن, ولا تطلبن حاجة إلى من لا يحب لك نجاحها, ولا تصحبن الفاجر فتتعلم فجوره, واعتزل عدوك, واحذر صديقك إلا الأمين, ولا أمين إلا من خشي الله, وتخشع عند القول, وذل عند الطاعة, واعتصم
(١) - أخرجه البخاري في صحيحه باب يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه حديث (٦٥٥٢) .