للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر:

إِنَّ القُلوبَ لأَجنادٌ مُجَنَّدَةٌ ... لِلَّهِ في الأَرضِ بِالأَهواءِ تَختَلِفُ

فَما تَعارَفَ مِنها فَهوَ مُؤتَلِفٌ ... وَما تَناكَرَ مِنها فَهوَ مُختَلِفُ

وفي الحديث النبوي: (الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) (١) .

وقال أبو حاتم رضي الله عنه: العاقل يجتنب مواشاة المريب في نفسه, ويفارق صحبة المتهم في دينه, لأن من صحب قوماً عرف بهم, ومن عاشر أمرءاً نسب إليه, والرجل لا يصاحب إلا مثله أو شكله, فإذا لم يجد المرء بداً من صحبة الناس تحرى صحبة من زانه إذا صحبه, وإن رأى منه حسنة عدّها, وإن رأى منه سيئةً سترها, وإن سكت عنه ابتدأه, وإن سأله أعطاه (٢) , وذلك لا يكون في أحمق أو جاهل, ... لأن الجاهل يجهل حق الصداقة وحظها, والأحمق إن لم يعدك من حمقه تدنست بعشرته, بل ربما أصابك ضررٌ من صداقته, فإنك إن أعرضت عنه اغتم, وإن أقبلت عليه اغتر, وإن حلمت عنه جهل عليك, وإن أحسنت إليه أساء إليك, قال الشاعر:

لا تصحب الجاهـ ... ـل إياك وإياه

فكم من جاهل أردى ... حليماً حين آخاه


(١) - أخرجه مسلم في صحيحه باب الأرواح جنود مجندة حديث (٤٧٧٣) .
(٢) - روضة العقلاء ص٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>