للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أبو العتاهية (١) فهو يقول:

خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ ... فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى

ولله در ابن دريد حيث يقول:

آفة العقل الهوى فمن علا ... على هواه عقله فقد نجا (٢)

فمن اتبع هواه ضل ومن نسي هفواته استعظم هفوات وسقطات غيره، ومن استغنى بعقله عن استشارة غيره زل، فلا تصاحب إلا عاقلاً تقيا، ولا تخالط إلا علماً ذكيا، ولا تودع سرك إلا مؤمناً وفيا، واسأل من الله الهداية يهدك، والعافية يعافك، ولا تبع الضلالة بالهدى، والبصر بالعمى تكن من أهل الشقى، وتخسر الدنيا والآخرة. ويرحم الله القائل:

عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ... ومن يشتري دنياه بالدين أعجب

وما أعجب من هذا من باع دينه ... بدنيا سواه فهو من ذين أعجب

قال ابن المقفع: من قل كلامه حمد عقله, ومن حرم رزئ في دنياه وآخرته, ويقول أيضاً: الهم مرض العقل وآفة العقل العجب. (٣)

وفي الأمثال السائرة: "العاقل من يرى مقر سهمه من رميته, وعقول الرجال تحت أسنة أقلامها".


(١) - إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العنزي أبو إسحاق, (١٣٠-٢١١هـ/٧٤٧-٨٢٦م) , شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد. كان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي المهدي، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه، فأطلقه. توفي في بغداد.
(٢) - بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر, تحقيق محمد الخولي ج٢ص٨١, الناشر: دار الكتب العلمية ١٩٨١م, والموسوعة الشعرية ص (٤٦٥) .
(٣) - الآثار الكاملة ص١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>