للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأم وان كانت في اللغة بإزاء الأب وتعم الوالدة القريبة والبعيدة وكل ما كان أصلاً لوجود الشيء أو تربيته أو إصلاحه أو مبدئه فإنه يقال له: أم, إلا أن المراد هنا بالوالدة: من ولدته.

فالبر بالوالدين من انفع القربات, وقيل البر هوالاحسان وهو في حق الوالدين وحق الاقربين من الاهل ضد العقوق, وفي الذكر الحكيم: {وقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (١) أي: أمر وألزم وأوجب, قال الراغب: القضاء: فصل الأمر قولاً كان ذلك أو فعلاً وكل واحد منهما على وجهين: إلهي وبشري, فمن القول الإلهي قوله تعالى: {وقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} (٢) وقال الشوكاني: أي أمر أمراً جازماً وحكماً قطعاً وحتماً مبرماً (٣) بأن لا تعبدوا إلهاً غير الله, والنص القراني يفيد وجوب إفراد الله جل وعلا بالعبادة.

{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} أي: وقضى بأن تحسنوا بالوالدين إحساناً, أو وأحسنوا بهما إحساناً, ولا يجوز أن يتعلق الجار والمجرور في قوله تعالى: {بِالْوَالِدَيْنِ} بـ {إِحْسَاناً} لأن المصدر لا يتقدم عليه ما هو متعلق به أي لا تتقدم عليه صلته (٤) ,


(١) - سورة الاسراء الاية (٢٣و٢٤) .
(٢) المفردات ص٤٠٦.
(٣) فتح القدير ج٣ص٢١٨.
(٤) إعراب القرآن وبيانه ج٥ص٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>