حتى لا يضلل القارئ في متاهات الفلسفة, ومعمعات الأفكار المجردة, ولا أن يستقصي بالتتبع والتحليل لكل ما يجد لما في ذلك من الإرهاق, والإضاعة للوقت, لأنه إذا أدرك الإنسان ما ينفع ويفيد فقد أفاد, ولذلك اكتفينا بما رأينا فيه البلاغ والوصول إلى ما نريده من المناصحة للإخوان بالشكل الذي يجذب القارئ ولا ينفره, وعلى نحو يرسم في ذهنه, ويسجل في وعيه وإدراكه فائدةً تكسبه خيراً أو تدفع عنه شراً في دنياه أو أخرته, ولنا أمل أن يجد كل ذلك طريقه إلى قلوب القراء لامتلاكه من البيان عنصره وأساسه, فعنصر المادة والصياغة في الأدب مقومان من مقوماته, وهما له كالروح والجسد للإنسان, وفي تلازمهما شرف الحياة, ولعل القارئ سيجدهما في كتابنا هذا برهاناً على ما قصدناه, وعوناً على ما أردناه, والله نسأل أن ينفع بذلك فهو ولي ذلك والقادر عليه.