للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم هذا التصرف، وهو ملك الخمر لا بعقدٍ باشره، ألا ترى أنه يملك بالميراث، ويملك بشراء عبده المأذون النصراني، فيملك بشراء الوكيل.

وإذا صح بيع الوكيل، قال: أحب إلى أن يتصدق بالثمن؛ لأنه ثمن الخمر، وقد قال عليه السلام: "إن الذي حرَّم شُربها حرمَّ بيعَها، وأكل ثَمنِها" (١) فكان خبيثا، فيتصدّق


(١) حديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم عن عبد الرحمن بن وَعلَة -رجل من أهل مصر-: أنه سأل عبد الله بن عباس عمّا يُعصَرُ من العنب؟ فقال ابن عباس: "إن رجلا أهدى لرسول الله صلي الله عليه وسلم راويةَ خمرٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل علمت أن الله قد حرّمها؟ قال: لا، فسارّ إنسانا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بم سارته؟ فقال: أمرتُه بيعها، فقال: إن الذي حرّم شُربها حرّم بَيعَها" قال: ففتح المزادَ حتى ذهب ما فيها كتاب البيوع، باب تحريم بيع الخمر، الحديث ٤٠٢٠.
وأخرجه النسائي في كتاب البيوع، باب بيع الخمر، الحديث ٤٦٧٨، وأخرجه الإمام مالك في الموطأ ٢/ ٨٤٦، ومن طريقه الإمام الشافعي ١/ ١٤٠، وابن حبان الحديث ٤٩٤٢، والبغوي الحديث ٢٠٤٢، والبيهقي ٦/ ١١، كلهم عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة.
ولم أجد في ألفاظ هذا الحديث: "وأكل ثمنها" وفي الباب حديث آخر نص عليه بذلك، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن نافع بن كسان أن أباه أخبره: أنه كان يتجر بالخمر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه أقبل من الشام ومعه خمر في الزقاق يريد بها التجارة، فأتى رسول الله فقال: يا رسول الله إني جئتك بشراب جيّد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا كيسان إنها قد حرمت بعدك، قال: أفأبيعها يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنها قد حرمت وحرم ثمنها، فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها ثم أهراقها" الحديث ١٨٤٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>