للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدية، ولو هلكت الجارية يسقط جميع الدَين، فإذا هلك نصفها يسقط نصف الدَين (١).

فرق بينه وبين المبيعة إذا اعورّت بآفة سماويّة قبل القبض، فإنه يخيّر المشتري، إن شاء أخذ بجميع الثمن، وإن شاء ترك، ولا يسقط شيء من الثمن.

والفرق: أن ضمان الثمن ضمان بيع، فلا يثبت إلا في المبيع، والبيع يتناول الذات، ولا يتناول الأوصاف: الأطراف، لأن الأطراف تَبع ليست بمحلّ للبيع، ولهذا لا يجوز إفرادها بالبيع، فلا يقابلها شيء من الثمن ما لم تصر مقصودة بالاستهلاك.

أما ضمان الرهن ضمان قبض (٢)، يثبت بالقبض، ويبقى ببقاءه، والقبض يتناول الكل مقصودا، فكان لها قسط (٣) من ضمان الرهن كضمان الغصب (٤).


= الدين، نصّ عليه السرخسي وقال مبينا الفرق بينهما: هذا بخلاف عين الآدمي، فإن بذهاب عينه يسقط نصف الدين، لأن الانتفاع بالدواب من حيث الحمل والركوب، وذلك يمسّها، وإنما يأتي ذلك بأن تمشي بقوائمها وتبصر بعينها، فيتوزّع بدلها على ذلك، وحصة العينين من ذلك النصف، فبفوات أحدهما يذهب الربع، وأما البصر في الآدمي فمقصود بنفسه، والبطش كذلك، والمشي كذلك، فيجعل كل جنس بمنزلة النفس، فبذهاب إحدى العينين يجعل نصف النفس كالفائت حكما لهذا المعنى. "المبسوط" ٢١/ ١٠٥.
(١) "بدائع الصنائع" ٦/ ١٥٨.
(٢) فقد وصف الله تعالى الرهن بالقبض في الآية: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (البقرة: ٢٨٣)، فكان هذا وصف لازما لا يفارقه الرهن. انظر "المبسوط" ٢١/ ٦٨.
(٣) في الأصل: "قسطا" وهو خطأ، والمثبت من (ج) و (د).
(٤) ومن هنا لو تعدّى المرتهن في الرهن ضَمِنَه ضمان الغصب بجميع قيمته. راجع القدوري مع اللباب في شرح الكتاب" ٢/ ١٢، و"بدائع الصنائع" ٦/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>