للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق: أنّ الناذر في النذر المعين لم يلتزم القربة إلا بمحل مشغول بحق الغير، فإذا أدّى ذلك الحق إلى الاستحقاق صار بمنزلة الهالك (١)، فلا يلزمه غيره، أما في الهبة المبتدأة لم يفت المحل بذلك الحق، وإنما فات بتفويته، فيضمن حق الفقراء.

وإن كان النذر بغير عينه بأن قال: لله عليّ أن أنحر بدنة، ثم وهب له بدنة فقبضها، وعيّنها لقضاء ما عليه، وقلّدها، ثم رجع الواهب في هبته بغير قضاء، أو بقضاء بعد ما بلغت الحرم، أو قبل ذلك رجع (٢) قبل الذبح، بقيت المنذورة في ذمته على حالها، لأن ما كان واجبا في الذمة لا يسقط إلا بالأداء، وإن رجع الواهب بعد الذبح كان عليه قيمتها مذبوحة، يتصدق بتلك القيمة؛ لأن الإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان مخصوص، أو مكان مخصوص.

والناذر لم يذكر الزمان في نذره، فإنما صح نذره لكونه إيجابا للتصدق، فجعل نذرا بالتصدق بلحمه، تصحيحا لنذره، وصار كأنه قال: لله عليّ أن أنحر بدنة، وأتصدّق بلحمها، ولو صرح بذلك يلزمه شيئان: الإراقة، والصدقة باللحم، ويلزمه إقامة ذلك فيما هو خالص له.

فإذا عيّن محلا هو مشغول بحق الغير، وأدى ذلك الحق إلى الاستحقاق، صار مفوّتا محل الصدقة، فيلزمه التصدق بقيمتها. وإن هلك شيء من ذلك بعد الذبح لا يضمن.

وإن لم يرجع الواهب فيها لكن وهبها له أو لغيره، فكذلك الجواب، إن وهبه قبل الإراقة فعليه مثلها، وإن وهب بعد الإراقة عليه التصدق بقيمتها منحورة، لما قلنا في رجوع


(١) في (ا) و (ب): "بمنزلة الهلاك".
(٢) "رجع" ساقط من (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>