للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوكيل بينة على الوكالة، وقضى بها القاضي، أو لم يقض، ثم عزله، ثم شهد الوكيل لمؤكله بتلك الألف أو بغيرها، لا تقبل شهادته (١)؛ لأن القاضي إذا لم يعلم بالوكالة، يحتاج الوكيل إلى إثبات الوكالة بالبينة.

وإنما يُثبتها بالبينة علي الوجه الذي أثبتها الموكل؛ لأن الشاهد إنما يشهد بما عاين، لا بغيره، فإذا كانت الوكالة عامّة، لا يشهد الشاهد إلا بوكالة عامّة، والبينة لا تقبل إلا بعد الدعوى، فكانت الخصومة في الألف خصومة في سائر الحقوق تقديرا، ضرورة إثبات الوكالة في سائر الحقوق (٢).

ولهذا لو قضى القاضي بوكالته عَقيب الدعوى في حقٍ، لا يحتاج إلى إثباتها بعد ذلك في كلّ حقٍ يدّعي، فبطلت شهادته في الكل ضرورة.

فإن (٣) شهد بمال حادثٍ بعد التوكيل، جازت شهادته؛ لأن التوكيل لم يتناول الحادث، فلم يصر خصما في ذلك.

والدليل على الفرق بين علم القاضي وحكمه ما ذكر في الكتاب: أنه لو مات القاضي، أو عزل بعد ما قضَى بوكالته بالبينة، فإن القاضي الثاني يجعله خصما ووكيلا بقضاء الأول فيما خاصم فيه وفيما لم يخاصم، ولا يجعله القاضي الثاني وكيلا بالتوكيل الذي كان عند القاضي الأول، لأن حكم القاضي حجّة في حقّ الكلّ، وعلمه حجّة في


(١) "الفتاوى الهندية" ٥/ ٢٥٨.
(٢) راجع للتفصيل "الفتاوى الهندية" ٥/ ٢٥٨.
(٣) في (أ) و (ب): "فإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>