للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان القاضي قضى للأول، ثم شهد الوارثان بشيء مما قلنا، لا تقبل (١)؛ لأن استحقاق الأول يثبت بقضاء القاضي، وصار الوارث مقضيّا عليه بطريق الخلافة عن الميت، حتى لو ادّعاه الوارث بعد ذلك لنفسه مِلكا مطلقًا، لا تسمع دعواه؛ لأنه صار مقضيّا عليه، فإذا شهدا بعد ذلك، فإن ذكرا رجوعا عن الوصيّة الأولى، فقد أعادا كلّ العبد الأول إلى أنفسهما بالعبد الثاني.

وإن لم يذكرا رجوعًا عن الوصية، فقد أعادا نصف العبد (٢) الأول إلى أنفسهما بنصف العبد الثاني، فتمكنت التهمة في شهادتهما على كلّ حال، وفيه إبطال قضاء قضى عليهما، ولا شيء للموصى له الثاني، وإن أقرّ له بالوصية، لأن العبد الأول تعيّن محلًا للوصية بقضاء القاضي، وزال عن مِلك الورثة.

وكذا لو شهدا بعد القضاء الأول: أن الميّت أعتق هذا العبد الآخر في مرضه، لا تقبل شهادتهما؛ لأنا لو قبِلنا شهادتهما، والعتق مقدّم على غيره من الوصايا، يبطل القضاء الأول، فلا تقبل شهادتهما، لكن يعتق العبد بإقرارهما؛ لأنهما مالكان، أقرّا بحرّيته، ويسعى لهما في قيمته؛ لأن محل الوصية صار مستحقًّا بقضاء القاضي، والعتق بعد وقوعه لا يحتمل الفسخ، فتجب السعاية، ليكون ردًّا للعتق من حيث المعنى.

هذا إذا شهد الوارثان بعبدٍ آخر، فإن شهدا أن الميّت أوصى بذلك العبد للثاني، ولم يذكرا رجوعا عن الأول، جازت شهادتهما (٣)، سواء شهدا بذلك قبل القضاء الأول أو


(١) ولكن يعتق العبد، وتجب السعاية عليه. "الفتاوى الهندية" ٣/ ٣٧٦ نقلا عن المحيط.
(٢) "العبد" ساقط من (أ) و (ب).
(٣) انظر لتفصيل المسألة "الفتاوى الهندية" ٣/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>