رجل اشترى دارا، وقبضها من الشفيع، وطلب الشفعة، وأقام البينة على المشتري، فقال المشتري: بعتها من فلان بكذا، وسلّمتها إليه، ثم أودَعينها، وغاب، فإن القاضي يسأل الشفيع عمّا قال، فإن صدّقه، أو جَحد، وعلم القاضي بالبيع والتسليم، لا تقبل بينة الشفيع عليه؛ لأنه مودع، وإن كذّبه، ولم يعلم القاضي بذلك، فأقام البينة على ما ادّعى، لا تقبل بينته، لما قلنا.
فإن قضى بالشفعة، ثم حضر الغائب، وأقام البينة على الشراء، لا تقبل بينته؛ لأن القاضي لما قضي بالشفعة، وحق الشفيع مقدم على حق المشتري، صار المشتري مقضيًا عليه بحقٍ سابق على شرائه، فيبطل، البيع الثاني ضرورةً (١).
وإن حضر الغائب قبل أن يقضى للشفيع، وأقام البينة على أنه اشتراها من المشتري، قُبلت بينته؛ لأنه أثبت ببيّنته أن بينة الشفيع قامت على غير خصم، فإن أعاد الشفيع البينة، قبلت بينته، ويأخذ بأيّ البيعين شاء، كما لو ثبت ذلك عيانا.
وكذا لو صدّق الشفيع المشتريَ فيما قال قبل القضاء بالشفعة، بطلت بينة الشفيع؛ لأنه أقرّ أن بينته قامت على غير خصم، وإن صدّقه بعد القضاء بالشفعة، لا يبطل الفضاء بالشفعة؛ لأن القضاء بالشفعة نَقضٌ لكل عقدٍ باشَره المشتري، فإنما أقرّ الشفيع بشراء منتقَض، فلا يعتبر كذا الإقرار.
(١) ونظائرها كثيرة، راجعها في دفع الدعوى من "ردّ المحتار" ٤/ ٤٨٣ و ٥/ ١٦٠، وتكملة "فتح القدير" فصل فيما لا يكون خصما ٧/ ٢٢٦ - ٢٢٧.