للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا كان دين الآجر ظاهرا، فإن لم يكن ظاهرا، فأراد الآجر أن ينقض الإجارة وأبى المستأجر، فأقرّ الأجر لرجل بدَين كبير يأتي على قيمة الأرض والأجر، وصدّقه المقرّ له، وكذبه المستأجر، صحّ إقراره في قياس قول أبي حنيفة، وتُباع الأرض، ويوفّى دَين الغريم.

وعلى قول صاحبيه لا يصح إقراره علي المستأجر، ولا تنتقض الإجارة (١).

لهما أن هذا إقرار يبطل حق المستأجر، فلا يصدّق عليه، كما لو أقر الآجر برقبة الأرض لإنسان، وصدّقه المقرّ له، وكذّبه المستأجر.

ولأبي حنيفة أن إقراره صادف حقّ المقرّ؛ لأنه أقرّ بالدّين في ذمّته، وذمّته خالص حقه، وإنما يتضرّر المستأجر بفعل اختياريّ يحدث بعد الإقرار من البيع، ونقض الإجارة، فلا يمنع صحّة الإقرار، ويظهر الدين في حق الكل، كالعبد المحجور إذا أقرّ على نفسه بقصاص، وكذّبه المولى، وكذا المرأة إذا أقرّت بذلك على نفسها، ويكون الثابت على نفسه بالإقرار كالثابت بالمعاينَة أو بالبينة، كذلك ههنا (٢).

ولأن الإقرار إنما يردّ إذا لم يكن قادرا على إنشاء ما أقر به، والآجر يملك إيجاب الدين على نفسه باستهلاك المال معاينةً ونحوه، فلا يردّ إقراره، إما لعدم التهمة أو لخلوّه عن الفائدة، بخلاف ما لو أقر برقبة الأرض.

أما على المعنى الأول: فلأن إقراره صادف محلا تعلق به حق المستأجر، ألا ترى أن الإقرار بالأرض لو سبق الإجارة، يمنع الإجارة والإقرار بالدين لو سبق الإجارة، لا يمنع


(١) راجع للتفصيل "بدائع الصنائع" ٦/ ١٨٣.
(٢) "بدائع الصنائع" ٦/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>