للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبيع لأجل ذلك.

وهذا على الرواية التي تجوز بيع المستأجر، ويمتنع التسليم قبل انفساخ الإجارة، ويخيّر المشتري إذا علم بالإجارة، إن شاء فسخ البيع، وإن شاء صبر المشتري إلى أن تنفسخ الإجارة فيأخذ، كان له ذلك، فلهذا يباع أولا، ثم يفسخ لأجل التسليم.

فإن طلب الآجر من القاضي أن ينقض الإجارة قبل البيع، لا ينقض القاضي، لما قلنا إنه لا حقّ للآجر والغريم في فسخ الإجارة، إنما حقه في البيع، فلو نقض قبل البيع ربما لا يتفق البيع، فيصير النقض مقصودا، وذلك باطل (١).

فإن كان المؤاجر باعها قبل أن يتقدّموا إلى القاضي، ثم تقدّموا إلى القاضي، فإن القاضي يمضي البيع، وينقض الإجارة، لما قلنا، ويأخذ الثمن من المشتري، ويوفي به حق الغريم، ويسقط الأجر عن المستأجر حين نقض القاضي الإجارة لانفساخ الإجارة.

وإلى أن ينقض القاضي الإجارة، فالأجرة واجبة على المستأجر قبل البيع وبعده لبقاء الإجارة، والتمكّن من الانتفاع بقيام يده، ويكون الأجر طيبا للآجر؛ لأن المنافع استُوفيت على ملكه بحكم إجارة جائزة، بخلاف الغاصب إذا أجر المغصوب وسلّم حيث يجب له الأجر، ويلزمه التصدّق به؛ لأن ثمّة استوفيت المنافع بحكم عقد حرام، فلا يطيب له الأجر (٢).

وكذا لو كان القاضي أمر الآجر بالبيع فباع، يجب الأجر على المستأجر إلى أن يبيع، لأن أمر القاضي إياه بالبيع أمر بالنقض، وليس بنقض، فما لم يبع لا تنتقض الإجارة.


(١) "بدائع الصنائع" ٥/ ١٨٤.
(٢) "بدائع الصنائع" ٦/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>