للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر ههنا أنه لا يصح النقض إلا بقضاء أو رضى، وأشار في "الإجارات"، و"المزارَعة" إلى أن الآجر ينفردّ بالفسخ من غير قضاء القاضي، والأصحّ ما ذكر ههنا لوجهين:

أحدهما: أن فسخ الإجارة بالعذر مجتهَد، فكل واحد منهما يتمسّك بنوع دليل، فلا يتمّ ذلك إلا بقضاء أو رضى (١)، كالردّ بالعيب بعد القبض، وفسخ النكاح بخيار البلوغ، والرجوع في الهبة.

والثاني: أن العذر قد يكون مشتَبهًا، فيشترط القضاء لزوال الاشتباه حتى لو كان العذر ظاهرا بأن استأجر إنسانٌ طباخًا لوليمة، ومات العروس، أو لقطع يدٍ لوقوع الأكلة، فبرأت يده، أو ما أشبه ذلك، لا يحتاج إلى القضاء (٢).

ثم إذا أراد أن يفسَخ ليَبيع بالدين، كيف يفسخ؟ يفسخ الإجارةَ أوّلا ثم يبيع؟ أو يبيع فيكون ذلك فسخًا للإجارة؟ تكلموا فيه:

قال بعضهم: يفسخ الإجارة أولا ثم يبيع؛ لأن حق المستأجر يمنع التسليم، فلا يصح البيع قبل انتقاض الإجارة، إلا أنه لا يفسخ قبل حضور المشتري.

وقال بعضهم: يبيع أوّلا ثم يفسخ الإجارة عند التسليم، وظاهر ما ذكر ههنا يدلُّ على هذا (٣)، ووجه ذلك أنه لا حق للغريم في نقض الإجارة، إنما حقّه في قضاء الدين


(١) انظر "رد المحتار" ٥/ ٥٢ - ٥٣.
(٢) المرجع السابق، وانظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٨٣.
(٣) الإمام الكاساني رجّح هذا القول، وقال: فيبيع القاضي بدينه أولا ثم يفسخ المزارعة ولا تنفسخ بنفس العذر. "بدائع الصنائع" ٦/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>