للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الفصل الثالث الحجر (١) بسب الدين، ويقال: "الحجر بسبب الإفلاس": وصورته ما قال محمد: رجل حبس بديون لقوم، فقال غرماؤه للقاضي أنه يريد أن يقرّ بماله لولده، أو لمن يثق به حتى يقضي بعسرته، يخرج من السجن، وطلبوا من القاضي أن يحجر عليه، فالقاضي لا يُجيبهم إليه في قول أبي حنيفة، ولو حجَر، لا يعمل حجره حتى لو أقرّ بمال أو دَين باع أو وهب، جاز جميع ما صَنع (٢).

وعند صاحبيه يحجر القاضي عليه، ويعمل حجره حتى لا يصحّ إقراره وبيعه وهبته


(١) الحجر في اللغة: المنع: والتضييق، يقال: حجَر عليه حجرًا، أي منعه من التصرف، وسمي العقل حِجرًا، قال تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} أي عقل؛ لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب القبيح. "المغرب" ١/ ١٩٧، "المصباح المنير" ١/ ١.
والحجر في اصطلاح الفقهاء: هو منع الإنسان عن التصرف في ماله، ويقابله: الإذن وهو فكّ الحجر وإسقاط حق المنع. وعرّفه الحنفية بأن الحجر: هو المنع من لزوم العقود والتصرفات القولية. فإذا باشر المحجور عقدا أو تصرفا قوليا كالبيع أو الهبة لا ينفذ، أي لا يلزم، ولا يترتب عليه حكمه، فلا يملك بالقبض. وكون الحجر من التصرفات القولية؛ لأننها هي التي يتصور الحجر فيها بالمنع من نفاذها، أما الأفعال فلا يتصور الحجر فيها؛ لأن الفعل بعد وقوعه لا يمكن رفعه، بخلاف القول، وللحجر تعريف آخر أدق ذكره ابن عابدين: بأنه عبارة عن "منع مخصوص بشخص مخصوص عن تصرف مخصوص أو عن نفاذه"، أي لزومه، فإن عقد المحجرر ينعقد موقوفا. وذكر ابن عابدين أن الحجر على مراتب: أقوى: وهو المنع عن أصل التصرف، ومتوسط: وهو المنع عن وصفه، وهو النفاذ، وضعيف: وهو المنع عن وصف وصفه، وهو كون النفاذ حالا. انظر "ردّ المحتار" ٦/ ١٤٣، "تبيين الحقائق" ٥/ ١٩٠.
(٢) "بدائع الصنائع" ٧/ ١٦٩. الحجر والحبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>