للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندهما لما صحّ الحجر، فإذا أقرّ بعد ذلك، لا يصحّ إقراره، فيأخذ القاضي ماله، ويبيع، ويقسّم بين غرمائه الأوّلين، ولا يعطي للمقرّ له شيئا، أو يحبس حتى يبيع بنفسه.

فإن قيل: الحجر بسبب الدين مجتهَد يه، فإذا قضى به القاضي وجب أن ينفذ قضاؤه، ويصير متفقا عليه (١)، فلا يصحّ إقراره بعد ذلك عند الكل.

قلنا عنه جوابان: أحدهما: أن نفس القضاء هنا مختلف، وفي مثله لا ينفذ قضاء القاضي، كما لو كان القاضي محدودا في قذف، فقضى في حادثة، لا ينفذ قضاءه (٢) ما لم يتصل به قضاء قاضٍ آخر، حتى لو اختصم المحجور، ومن أقرّ له، أو تصرّف معه إلى قاض آخر، فقضى القاضي الثاني بإبطال تصرفه، نقذ قضاؤه.

والثاني: إن هذا فتوى، وليس بقضاء، لأن القضاء ما يُثبِت أمرا لم يكن ثابتا قبله، وعلى قول بعض الناس الإنحجار كان ثابتا قبل القضاء، فلم يكن القضاء إلزاما، وعندنا إن لم يكن الإنحجار ثابتا قبل القضاء، ويثيت بعده، لكن لم (٣) يوجد شرط القضاء، وهو الدعوى والإنكار، فلم يكن قضاء من كل وجه، فلا يصير المختلف متفقا عليه.

قال: (ولو أن مريضا عليه دَين في الصحّة أقر في مرضه بدين، جاز إقراره عليه، ولا يجوز على غرماء الصحّة حتى لا يشارك غرماء الصحّة)، لأن حقهم كان ثابتا قبل إقراره، فلا يبطل بإقراره (٤).


(١) "عليه" أثبتناه من (ج) و (د).
(٢) انظر "ردّ المحتار" ٤/ ٣٦٢.
(٣) في (ج) و (د): "لكن يوجد بشرط" وهو خطأ.
(٤) راجع للتفصيل "بدائع الصنائع" ٧/ ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>