للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقد قال في الكتاب إذا صدقه الشريك يضمن قيمتها أم ولد] (١).

قلنا: إنما يضمن نصف قيمتها أمّ ولد؛ لأن المصدّق أقر الولد لهما، وينقصان قيمتها، والقاضي كذّبه في أحدهما حيث جعلها أمّ ولد للمقرّ، وليس من ضرورة تكذيبه في أحدهما تكذيبه في الآخر، فبقي إقراره بنقصان القيمة، فإذا جعلها أمّ ولد للمقرّ، ونقل نصيب الشريك إليه، ومال المسلم لا يملك إلا بضمان يعادله، وجب عليه قيمة نصيبه بقدر ما أقرّ به صاحبه، ويكون إقرار صاحبه بمنزلة الإبراء من ذلك القدر، حتى لو كذّبه صاحبه يضمن نصف قيمتها قنّة.

قال بعض مشايخنا: هذا قولهما، أما على قول أبي حنيفة لا يضمن شيئًا؛ لأنّ عنده أمّ الولد غير متقوّمة، ومن المشايخ من قال لا يضمن شيئًا في قولهم جميعًا؛ لأن شريكه زعم أن صاحبه لم يتملّك عليه نصيبه، لأنّ أمّ الولد لا تحتمل النقل من ملك إلى ملك، فاعتبر زعمه إبراء لصاحبه عن الضمان، ووجه جواب الكتاب ما قلنا إن إقراره بعدم تملك نصيبه بطل بالتكذيب، وإذا ثبَت الملك ثبت بضمان يُقابله، بخلاف مسألة أول الباب؛ لأن ثمّة أقرّ بحريّة الولد، وما صار مكذبًا في ذلك (٢).

واستوضَح الفرق بين المسئلتين بمسألة ذكرها في الكتاب، قال: عبد بين رجلين ادّعى أحدهما أنه ابنه، ثم قال لصاحبه: إنك كنت اعتقته قبل هذا، فإن كذّبه صاحبُه ضمن، وإن صدّقه لا ضمان عليه، لأن القاضي ما قضى إلا بحرية الغلام، فلم يصر مُكذّبًا في إقراره بالحرية السابقة.


(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ج) و (د).
(٢) "المبسوط" ١٧/ ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>