للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إذا اجتمعوا عند القاضي، وإن حضر صاحب الإصبع، وطلب القصاص، وغاب الآخران، فإنه يقض له بقطع الإصبع (١)؛ لأن حقه قد ثبت، وحق غيره موهوم، فلا يؤخر حقه، كالدار إذا بيعت، ولها شفعاء، وحضر أحدُهم فإنه يقضى له بالشفعة، وليس هذا كالرجل إذا مات وعليه ديون، وحضر أحدهم، فإن القاضي يمسك نصيب الغائبين؛ لأن المال يحتمل القسمة، والقصاص لا.

فإن قطع الإصبع، كان على القاطع لصاحب المفصل الأعلى أرش المفصل الأعلى (٢)، وهو ثلث دية الإصبع، ولصاحب المفصلين ثلثا دية الإصبع، إن كان للإصبع مفاصل ثلاثة؛ لأنَّه قضى بحقهما حقا مستحقا عليه؛ لأن ما وقع به القضاء، وهو المفصل الأعلى، وللثاني كان مقصودا في حق الأول والثاني، وإن كان وصفا في حق صاحب الإصبع، بخلاف الفصل الأول؛ لأن ثمة ما وقع به القضاء، وهو المفضل الأعلى كان تبعا في حق الثاني والثالث، فلا يضمن بالأرش لحقهما.

فرّق بين هذا وبين ما لو قتل رجلين عمدا، فقتل بأحدهما قصاصا، فإنه يبطل حق الآخر، ولا تجب له الدية (٣)، وإن قضى بنفسه حقا مستحقا عليه؛ لأن ثمة قضاء الحق لا يتمّ إلا بعد الموت، وبعد الموت لا يمكن إيجاب الضمان ابتداء، أما بعد القطع هو محل لوجوب الأرش، فيجب الأرش للثاني والثالث.


(١) "الفتاوى الهندية" ٦/ ١٣.
(٢) "الفتاوى الهندية" ٦/ ١٣.
(٣) "الفتاوى الهندية" ٦/ ٤ - ٥ "فتح القدير" ١٠/ ٢٦٨ والفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية" ٣/ ٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>