للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمع في الباب بين تصرف المسلم، والذمي، والمرتد، وكل ذلك على وجوه ثلاثة: إما أن يكون في الصحة، أو في المرض، أو مضافا إلى ما بعد الموت (١).

وبدأ الباب بالمسلم فقال رحمه الله: مسلم جعل داره مسجدا في صحته جاز، ولو مات لا تورث عنه، أما الجواز لقوله تعالى: {إنما يعمر مساجد الله} (٢) الآية، الله تعالى حثّنا على عمارة المساجد فاقتضى جوازه وإذا تمّ لا يكون له أن يوصى (٣).

وإن مات لا يورث عنه، لأنه تحرّر عن حقوق العباد، قال الله تعالى: {وأن المساجد لله} (٤)، أضاف المساجد إلى ذاته المتعالية، مع أن سائر الأشياء له، فاقتضى ذلك انقطاع حق العباد عنه، ألا ترى أن "الكعبة" لما جعلت بيتا لله تعالي خرجت من أن تكون محلا لحق العباد، فكذلك [سائر] (٥) المساجد.

ولهذا لا يصح شرط الخيار في المسجد بخلاف الوقف على قول أبي حنيفة، لأن الوقف: "حبس العين على ملكهـ، والتبرع بالمنفعة" (٦)، لأن لفظ الوقف يُنبئ عن


(١) نقل قاضي خان في "فتاواه" عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل أن الوقف على ثلاثة أوجه:
إمّا أن يكون في الصحّة، أو في حالة المرض، أو وقفت بعد الموت. انظر (فتاوى قاضي خان ٤/
٧٢٦).
(٢) {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} سورة التوبة، الآية: ١٨.
(٣) قوله: "وإذا تمّ لا يكون له أن يوصى" ساقط من نسخة (ج).
(٤) تمام الآية: {وأنّ المسَاجِدَ للهِ فَلا تَدعُو معَ اللهِ أحَدا} سورة الجن، الآية: ١٨.
(٥) ما بين المعكوفتين زيادة من (ج).
(٦) كذا عرّفه الحصكفي وزاد فقال في تعريفه: "هو لغة الحبس، وشرعا حبس العين على حكم ملك الواقف والتصدق بالمنفعة، ولو في الجملة". انظر الدر المختار مع رد المحتار ٣/ ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>