للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرفنا هذا قال محمد رحمه الله: رجل مات، وترك عبدا قيمته ألف درهم لا مال له غيره، وقد أوصى بأن يباع من فلان بألف درهم، وأوصى برقبته لآخر، وكانت الوصيّة بالرقبة قبل الوصيّة أو بعدها.

نقول: الوصيّة بالبيع لا تتوقف على إجازة الورثة، والوصيّة بالرقبة فيما زاد على الثلث تتوقف، فإن أبت الورثة أن يجيزوها، على قول أبي حنيفة يعطى للموصى له بالرقبة نصف سدس جزء من اثني عشر جزءًا من العبد، ويباع الباقي من الموصى له بالبيع بأحد عشر جزء من اثني عشر جزءا من الثمن (١)؛ لأنه كما مات الموصي، عملت (٢) الوصية بالبيع؛ لأنها لا تتوقف على إجازة الورثة (٣).

والوصيّة بالرقبة لا حكم لها فيما زاد على الثلث قبل الإجازة، فيعلق حق الموصى له بالثلثين بلا مزاحمة، ويجعل في حقه كأن الميت أوصى للثاني بثلث الرقبة، فينصرف إلى الثلث الشائع كما هو قضية الثلث المطلق، والنصف المطلق، وإنما تنصرف الوصية بالثلث المطلق إلى الثلث الذي هو خالص حق الميت تصحيحا لتصرفه، إذا لم يكن هناك وصيّة أخرى بالكل: تنفذ من غير إجازة، وههنا في صَرف وصيّته إلى الثلث الذي هو خالص حق الميت زيادة إبطال الوصية بالبيع، فينصرف إلى الثلث الشائع.

والعبد ثلثه حق الميت، وثلثاه حق الورثة، فالموصى له بالرقبة في الثلث الذي هو


(١) وفى (ج) من الثمن.
(٢) وفى (أ): جازت الوصية.
(٣) فصّل الإمام أبو الليث السمرقندي بعض مسائل هذا الباب محيلا إلى الزيادات في كتابه الشهير "مختلف الرواية" ٧/ ٣٣٥٤. تحقيق دكتور عبد الرحمن مبارك الفرج. رسالة دكتوراة، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>