للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصية، قال عليه السلام: "الاثنان فما فوقهما جماعة" (١).

ولأن الجمع مأخوذ من الاجتماع، والاجتماع يحصل بالإثنين، فكان جمعا لكنه ناقص، والجمع الناقص ملحق بالكامل في الميراث، فكذا في الوصية؛ لأنها أخت الميراث، فإن كل واحد منهما يزداد بزيادة المال، ويقلّ بقلته، ويمتنع الدين، ويبطل بالقتل.

والثاني: القرابة المحرمة للنكاح؛ لأنه لما أثبت الوصية بالقرابة كان قصده الصلة، فتصرف إلى قرابةٍ يفترض وَصلها، وهي القرابة المحرمة للنكاح، ولهذا تعلق استحقاق النفقة، والعتق عند الدخول في الملك، وانقطاع حق الرجوع في الهبة بها.

والثالث: الأقرب فالأقرب، فلا تثبت الوصية للأبعد مع الأقرب اعتبارا بالميراث، ولأن الأقرب أحقّ بصرف اللفظ إليه.

وكان أبو يوسف يقول أولًا: تعتبر الرحم المحرم، ولا يعتبر الأقرب فالأقرب، ثم رجع، وقال: لا تعتبر المحرمية، ولا الأقرب فالأقرب، ولا الجماعة، بل الواحد يستحق كل الوصية، وإن كانوا جماعة قسّم الثلث بينهم، ويدخل في الوصية كل من يجمعه وإياه


(١) أخرجه ابن ماجة من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، في كتاب الصلاة، باب الاثنان جماعة، الحديث: ٩٧٢. وأخرجه البيهقي في سننه، ٣/ ٦٩، والدارقطني في سننه، ١٠/ ٢٨١، والهيثمي في مجمع الزوائد، ٢/ ٤٥، الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، ٨/ ٤١٥. وانظر الحديث في: ميزان الاعتدال، برقم ٦٥٤٦، ولسان الميزان، ٤/ ١١٩٤، والتمهيد، لابن عبد البر ٦/ ٣١١، ومشكاة المصابيح برقم ١٠٨١.
ورواه ابن سعد بلفظ: "الاثنان فما فوق ذلك جماعة" الطبقات الكبرى، ٧/ ٣٤، وكذلك ابن عدي في الكامل في الضعفاء، ٥/ ١٨٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>