للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل الثاني: أن جهالة الموصى له تمنع صحة الوصية (١)، لأنها تمليك، فلا يتمّ بدون القبول، والقبول من المجهول ممتنع (٢).

فإن كان الموصى له معيّنا وقت الوصية، كانت الوصية إيجابا وقت وجودها، وإن لم يكن معيّنا وقت الوصية، وتعيّن عند الموت صحّت الوصية (٣)، وتعتبر إيجابا عند الموت؛ لأن حكم الوصية ثبت عند الموت، فكان تعيّن الموصى له عند الموت كتعيّنه وقت الوصية، اعتبارا للموصي له بالموصى به، فإن الموصى به لو كان عينا يعتبر إيجابا للحال، وإن لم يكن عينا يعتبر إيجابا وقت الموت، حتى لو أوصى بعين لا يملكه، ثم ملكه قبل الموت، لا تصح الوصية، وتعتبر إيجابا وقت الوصية.

ولو أوصى بثلث ماله، ولا مال له، ثم ملك مالا قبل الموت صحت الوصية، وتعتبر إيجابا وقت الموت، كذلك هنا.

إذا عرفنا هذا قال محمد رحمه الله:


(١) ذكر الكاساني من بين شروط الموصي له أن لا يكون مجهولا جهالة لا يمكن إزالتها، فإن كان لم تجز الوصية له، لأن الجهالة التي لا يمكن استدراكها تمنع من تسليم الموصى به إلى الموصى له، فلا تفيد الوصية. ثم بيّن ما يتفرّع على هذا الشرط، انظر: "بدائع الصنائع" ٧/ ٣٤٢، "تبيين الحقائق" ٦/ ١٨٤.
(٢) ذكره العتّابي عند بيان أصل الباب: إن كان الموصي له معيّنا معلوما تعتبر أهليته للدخول تحت الوصية يوم الوصية، وإن لم يكن معينا تعتبر عند الموت. "شرح الزيادات" للعتّابي، مخطوط، ورق ١٥٨.
(٣) لأن الوصية تمليك عند الموت، فلا بد من أن يكون الموصي له معلوما في ذلك الوقت، حتى يقع الملك له، ويمكن تسليم الموصى به إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>