للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل قال: "أوصيت بثلث مالي لفلان وفلان"، أو قال: "لفلان ولفلان"، وأحدهما ميّت، كان للحيّ منهما كل الثلث (١)، علم الموصي بذلك أو لم يعلم؛ لأن قوله: "أوصيت بثلث مالي لفلان" وصية بكل الثلث، فإذا عطف الثاني على الأول، ولم يذكر للثاني خبرا، كان خبرا للثاني، كأنه قال: "وأوصيت بثلث مالي لفلان"، ولو صرح بذلك يكون موصيا لكل واحد منهما بجميع الثلث، ولا يكون الثاني دافعا للأول، لأن حكم الوصية لا يثبت في الحال، فجاز أن ينعقد الثاني مع الأول.

كما لو وكل رجلا ببيع ماله، ثم وكل آخر، وإذا صار موصيا لكل واحد منهما بجميع الثلث، لو انتقص الحق إنما ينتقص بحكم المزاحمة، ولم تتحقق المزاحمة ههنا، لأن الميت ليس من أهل إثبات الملك له، فبقي للحيّ منهما كل الثلث.

وعن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: إذا لم يعلم الموضي بموت أحدهما كان للحيّ منهما نصف الثلث (٢)، لأنه إذا علم كان هازلا لاعبا، فيبطل ذكر الميّت، كما لو ضمّ إليه


(١) وهذا عند الإمام أبي حنيفة ومحمد، وروي عن أبي حنيفة أيضا أن مثل هذه الوصية باطلة، وعند أبي يوسف للحي منهما نصف الثلث، كما سيذكره الشارح، وبناء هذا الخلاف على مسألة أخرى ذكرها الكاساني، وهي ما إذا أوصى بثلث ماله لفلان وفلان أو أوصى بثلث ماله لأحد هذين الرجلين، روي عن أبي حنيفة رحمه الله أن الوصية باطلة، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أنها صحيحة، غير أن عند أبي يوسف الوصية لهما جميعا، وعند محمد لأحدهما، وخيار التعيين إلى الورثة يُعطون أيهما شاؤا.
انظر "بدائع الصنائع" ٧/ ٣٣٦، و"مختصر الطحاوي" ص ١٦٢، و"شرح مختصر الطحاوي" للجصاص ٢/ ٥٥٥، و"مختصر اختلاف العلماء" ٥/ ٥٨، و"المبسوط" ٢٧/ ١٥٩، و"البناية" للعيني ١٠/ ٤٥٠.
(٢) فرّق الإمام أبو يوسف رحمه الله بين علمه بموته وجهله، وذكر الطحاوي في مختصره أن أبا

<<  <  ج: ص:  >  >>