للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار بُسرا (١)، تبطل الوكالة، فكذلك الوصية؛ لأنها تغيّرت من النقصان إلى الزيادة، والرضى بتمليك الأدنى لا يكون رضي بتمليك الأعلى، كما قلنا في الوكالة.

ولأنه لما صار بسرا قبل التمام، صار كأنه قال عند الموت: أوصيت لك بهذا الكفري، وهو بسر، وبه لا تصح الوصية؛ لأنهما جنسان مختلفان لاختلاف الاسم والمعنى، فإن الكفري عددي، والبسر وزني، ولهذا يجوز بيع أحدهما متفاضلا، وفي الجنسين إذا اجتمعت الإشارة والتسمية في العقد، يتعلق العقد بالمسمّى، والمسمّى معدوم فلا يصح.

وكذا لو قال: أوصيت لك بهذا البسر، فصار رطبا قبل موت الموصي، بطلت الوصية، لما قلنا في الفصل الأول

فإن قيل: في الفصل الأول اختلف الجنس، وههنا لم يختلف، ولهذا لا يجوز يبع البسر بالرطب متفاضلا، بخلاف الفصل الأول.

قلنا: لا، بل اختلف الجنس لاختلاف الاسم والمعنى، وإنما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا لمكان شبهة المجانسة في الحال، لفرضية المجانسة بينهما في الثاني، بأن يصير البسر رطبا، وشبهة المجانسة بعد أن تبدل الاسم والمعنى لا تكفي لنفاذ الوصية، ألا ترى أنه لو أوصى بالحنطة، فصارت دقيقا قبل موت الموصي، بطلت الوصية، لتبدّل المجانسة بتبدل الاسم والمعنى، وإن كان بينهما شبهة المجانسة، حتى لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا.

ولأن الوصية تغيّرت من النقصان إلى حالة الكمال، والإنسان قد يوصي بشيء


(١) البُسر: من ثمر النخل معروف، وقلا ابن الفارس: البسر من كل شي الغَضّ، ونبات بسر: أي طريّ. "المصباح المنير" ١/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>