وأما الوجه الثالث: وهو الاستثناء الصحيح الذي لا يبطل الوصية:
رجل له ابن واحد، أوصى لرجل بمثل نصيب ابنه إلا نصف المال، فإنه يصح الاستثناء والوصية؛ لأنه استثنى غير ما تكلم به، وهو أقلّ من الوصية.
أما بيان المغايرة ظاهر، وبيان أنه أقلّ مما أوصى به، لأن الابن إذا كان واحدا كان نصيبه كل المال، ومثل الشيء ما يعادله، فقد أوصى له بجميع المال، واستثنى النصف، وإذا جاز الاستثناء والوصية، كان للموصي له ربع المال.
وتخريجها بطريق الحشو: أن تأخذ نصيب الابن، وهو واحد، ويزاد عليه لأجل لوصية بالمثل سهم، ثم نجعل كل سهم على سهمين لمكان الاستثناء بالنصف، أو لأنه استثني من النصيب، فينبغي أن يكون النصيب أكثر من واحد، فجعلنا المال أربعة، أعط للموصي له ثلاثة؛ لأنه لما استثنى من النصيب نصف المال يكون النصيب أكثر من نصف المال، أو لأنه استثني من النصيب نصفا شائعا نصفه مما كان في يد الابن، فلا بد أن يضمّ ذلك إلى الموصى له، ليعود بعد ذلك إلى الابن بالاستثناء، فأعطينا للموصي له ثلاثة، ثم استرجعنا منه نصف المال، وهو اثنان، فيصير في يد الابن ثلاثة مثل ما أعطينا للموصي له قبل الاسترجاع، وقد استرجعنا سهمين، وهو نصف المال.
وتخريجه بطريق الدينار والدرهم: أن تجعل المال دينارا ودرهما، وتعطي بالنصيب
= قاضي خان بعبارة: "الإجازة لا ترد على المفسوخ"، وذكرها السرخسي بصيغة: "الإجازة تلحق الموقوف لا المفسوخ". "المبسوط" ٢٤/ ٩٤.