للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما زاد على الثلث يقدم الميراث على الوصية؛ لأن حق الورثة يتعلق بذلك في مرضه، فلا تنفذ وصيته إلا بإجازة الوارث.

ومنها: أن من لا وارث له يملك الوصية بجميع ماله (١)؛ لقول ابن مسعود رضي الله عنه: "السائب يضع ماله حيث أحب": (٢)، وأراد بالسائب من لا وارث له (٣).

ولأن القياس أن يملك الوصية بجميع ماله على كل حال؛ لكون المحل ملكا له، وإنما المانع حق الوارث؛ ولهذا لو أجاز الوارث يصح، فإذا انعدم الوارث انعدم المانع (٤)،


=هذا الموضع لأحدهما، بل قد تناولتهما جميعا .. فجمع تعالى بين ذكر الدين والوصية ليُعلِمنا أن سهام الميراث معتبرة بعد الوصية كما هي معتبرة بعد الدين. يرجع للتفصيل "أحكام القرآن" للجصاص، ٢/ ١٢٥.
(١) وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد، وهو قول شريك بن عبد الله. انظر "أحكام القرآن" للجصاص، ٢/ ١٢٥.
(٢) أخرجه الدارمي في سننه بلفظ: "السائبة يضع ماله حيث شاء" كتاب الفرائض، كما رواه الجصاص من حديث الشعبي عن عمرو بن شرحبيل قال: قال عبد الله بن مسعود: "ليس من حيّ من العرب أحرى أن يموت الرجل مهم ولا يُعرف له وارث منكم معشرَ همدان، فإذا كان ذلك فليضع مالَه حيث أحبّ"، انظرا أحكام القرآن" للجصاص، ٢/ ١٢٥.
(٣) قال ابن الأثير بعد أن ذكر حديث عبد الله بن مسعود في تفسير "السائبةِ": أي العبد الذي يُعتق سائبة، ولا يكون ولاؤه لمعتِقِه، ولا وارث له، فيضع ماله حيث شاء. "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٢/ ٤٣١.
(٤) فصّل الجصاص في توجيه هذا بأن ظاهر قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} يقتضي جواز الوصية بجميع المال، لو لا قيام دلالة الإجماع والسنة على منع ذلك، ووجوب الاقتصار بها على الثلث، فمتى عدم مَن وجب به تخصيص الوصية في بعض المال، وجب=

<<  <  ج: ص:  >  >>