رجل مات وترك امرأة لا وارث له غيرها، وترك عبدين، قيمة كل واحد منهما ثلثمائة، وأوصى للمرأة بأحد العبدين بعينه، فلها العبد بالوصية، ونصف العبد للآخر بالميراث، والباقي لبيت المال؛ لأنَّه يملك الوصية بما زاد على حق الوارث، وحق المرأة في الربع، فيملك الوصية بما زاد عليه، وكما يملك الوصية يملك جمع ذلك في عين واحد، ألا ترى أن الميت لما ملك الوصية بثلث المال في سائر الوصايا ملك الجمع في شيء بعينه، فصار نصف المال هنا بمنزلة الثلث في سائر الوصايا.
وإذا تعين أحد العبدين للوصية تعين الآخر محلا للإرث، فكان لها نصف هذا العبد للآخر بحكم الميراث؛ لأنَّه [ربع](١) جميع المال، بقي النصف خاليا عن الميراث والوصية، فيوضع في بيت المال.
وكذا لو كان أوصى لأجنبي بأحد العبدين بعينه، والمسألة بحالها، كان العبد الموصى به للأجنبي، وللمرأة نصف العبد الآخر، ويوضع النصف الآخر في بيت المال.
وحكي أن عيسى بن أبان رحمه الله طعن في هذه المسألة، وقال: ينبغي أن يكون للمرأة ثلث العبد الآخر، وثلثاه يوضع في بيت المال، وكتب ذلك إلى محمد حين كان بالرقة، فكتب إليه محمد أن الأمر كما قلت، وصحّحه.
ووجه ذلك: أن الوصية للأجنبي بقدر الثلث تقدم على الميراث، فيعطى للأجنبي ثلث التركة، وهو ثلثا العبد، بقي تركة الميت عبدا وثلث عبد، فيعطى للمرأة ربع ذلك، وهو ثلث عبد لكن من العبد الآخر، لا من العبد الذي أوصى به للأجنبي؛ لأن للميت أن