للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النبيّ عليه السلام في شهداء أحد: "زمّلوهم (١) بكلومهم ودمائهم، فإنهم يبعثون يوم القيامة وأودَاجُهم تَشْخَب (٢) دمًا، اللون لون الدّم، والريح ريح المسك" (٣) فصارت السنة في حق الشهيد (٤) ترك الغسل.


(١) زمّلوهم: أي لفّوهم فيها، يقال: تزمّل بثوبه، إذا التفّ فيه. "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٢/ ٣١٣. و"الكُلُوم" جمع كم، وهو الجرح، و "كلَمتُه" كلمًا من باب قَتَلَ أي جَرَحتُه، ومن باب ضرَب لغةٌ، ثم أطلق المصدر على الجُرح، وجُمِع على "كُلوم" و"كِلام" مثل بَحر وبُحور وبِحار. "المصباح المنير" مادة كلم، ص ٥٣٩، "طِلبة الطلبة" ص ٣٥.
(٢) "تَشخب" من بابي قتَل ونفع، أي تَسيل، شَخَبَت أوداج القتيل دما، شَخْبا، أي جرَت وسالت. "طِلبة الطلبة" ص ٣٥، "المصباح المنير" مادة: شخب ص ٣٠٦.
(٣) هذا الحديث، ذكره الكاساني أيضا بهذا اللفظ في "بدائع الصنائع" ١/ ٣٢٤، ولم أجد الحديث بهذا اللفظ بأكمله في كتب السنة، فيبدو أن الحديث مكوّن من حديثين:
الجزء الأل ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله ثعلبة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرَفَ على قَتلَى أحد، فقال: إني شهيد على هؤلاء، زمّلوهم بكلومكم ودمائهم" "مسند الإمام أحمد" ٥/ ٤٣١، ورواه الشافعي في "الأم" ١/ ٢٣٧، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٤/ ١١.
والجزء الثاني ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يكلم أحدٌ في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحُه يثعب، اللون لون دم، والريح ريح مسك" … واللفظ لمسلم، أخرجه في الإمارة، باب فضل الجهاد: والخروج في سبيل الله، برقم ١٨٧٦، والبخاري في الجهاد، باب من يخرج في سبيل الله عز وجل برقم ٢٨٠٣. وأقرب حديث يجمع بين الجزئين هو ما أخرجه النسائي عن عبد الله بن ثعلبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "زمّلوهم بدمائهم، فإنه ليس كلْمٌ يُكلم بها في سبيل الله، إلا يأتي يوم القيامة يدمي، لونه لون الدم، والريح ريح المسك"، "سنن النسائي، باب مواراة الشهيد في دمه، ص ٢٨٢.
(٤) كذا في الأصل، وفي بقية النسخ "الشهداء"، والشهيد: فعيل بمعنى مفعول: لأنه مشهود له بالجنة، ولأن الملائكة يشهدون موته إكراما له، أو بمعنى فاعل: لأنه حيّ عند ربّه حاضر شاهد. "اللباب بشرح الكتاب" ١/ ١٣٥، "شرح النقاية" ١/ ٣٣٣، "أنيس الفقهاء" ص ١٢٣. وهو في الشرع: كل مسلم طاهر بالغ قتل ظلما ولم يجب بقتله مال، ولم يُرتثّ، "التعريفات" ص ٨٨، "أنيس الفقهاء" ص ١٢٣، وقد اختلف الفقهاء في تعريف الشهيد، كل حسب رأيه في بعض المسائل التي تخصّ الشهيد، فأشمل تعريف عرّف به الحنفية بأن الشهيد: من قتله أهل الحرب، أو أهل البغي، أو قطّاع الطريق، أو اللصوص، في منزله ليلا أو نهارا، بأيّ آلة: مثقل أو محدد، أو وُجد في المعركة به أثر، كجرح وكسر وحرق وخروج دم من أذن أو عين، أو قتله مسلم ظلما عمدا بمحدد، وكان مسلما مكلفا (أي بالغا عاقلا) طاهرا (أي خاليا من حيض أو نفاس أو جنابة، ولم يرتثّ بعد انقضاء الحرب. يرجع: "ردّ المحتار" ١/ ٦٠٨، "اللباب بشرح الكتاب" ١/ ١٣٥، "الفتاوى الهندية" ١/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>