للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشهداء أحد رضي الله عنهم، كانو مقتولين بكمال الظلم من الكفار، حيث لم يعتاضوا عن دمائهم، ولم يُرْتَثّوا عن مضاجعهم (١)، فكل من كان في معناهم كان ملحقا بهم.

إذا ثبت هذا فنقول: كلّ مكلّف قُتل ظلما بأيّ شيء قتل مباشرة أو تسببا، ولم يجب عن دمه بدل، هو مال (٢)، ولم يُرْتَثّ (٣)، لا يُغسل (٤)، لأن الحكم في شهداء أحد


(١) لأن شهداء أحد ماتوا على مصارعهم ولم يرتثّوا، حتى روي أن الكاس كان يدار عليهم، فلم يشربوا خوفا من نقصان الشهادة، فإذا ارتث لم يكن في معنى شهداء أحد، راجع "بدائع الصنائع" ١/ ٣٢١.
(٢) قوله: "هو مال" ساقط من (ج).
(٣) ارتثّ: "ارتُثّ فلان"، وهو افتُعِل على ما لم يسمّ فاعله: أي حُمِل من المعركة رثيثا، أي جريحا وبه رمق، "الصحاح" ١/ ٢٨٣، "القاموس المحيط" مادة: رث ص ٢١٧. وفي البدائع: "لا يكون مرتثًا في شهادته" وهو أن لا يخلق شهادته، مأخوذ من: الثوب الرث، وهو الخلق. "بدائع الصنائع" ١/ ٣٢١.
والارتثاث في الفقه هو: أن يأكل الجريح أو يشرب أو يداوي، أو يبقى حيًا حتى يمضى عليه وقت الصلاة وهو يعقل، أو يُنقل من المعركة حيا، أي وهو يعقل. وقال الجرجاني في التعريفات: الارتثاث في الشرع: "أن" يرتفق المجروح شيء من مرافق الحياة، أو يثبت له حكم من أحكام الأحياء، كالأكل والشرب والنوم وغيرها"، "التعريفات" ص ٢١.
(٤) هذا الأصل مبني على رأي أبي حنيفة. ومحمد رحمهما الله، فإن الفقهاء الحنفية اختلفوا في ذلك إلى ثلاثة آراء، ذكرها قاضي خان في هذا الباب، كما سيأتي، وليعلم أن الإمام أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله يتفقان في مسائل هذا الباب، لاتفاقهما في أصل الباب، كما أشار إليه قاضي خان في ص ٥٥، وقال ابن العلاء: ذكر محمد رحمه الله في الزيادات بابا في الشهيد، وذكر فيها مسائل كثيرة، وهي مذهب أبي حنيفة ومذهب نفسه على أصل، وهو: أن من صار مقتولا في قتال ثلاث: إما مع أهل الحرب، أو مع أهل البغاة، أو مع قطاع الطريق بمعنى مضاف إلى العدو، كان شهيدا، سواء كان بالمباشرة أو بالتسبب، وكل من صار مقتولا بمعنى غير مضاف إلى العدو لا يكون شهيدا. "الفتاوى التاتارخانية" ٢/ ١٤٣. وانظر "بدائع الصنائع" ١/ ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>