للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنا نقول: بأن البنوة لا تتجزأ، فثبتت في حق كل واحد منهما كاملا، ولهذا ينفرد كل واحد منهما بتزويجه، وإنما يرث الأبوان منه ميراث أب واحد؛ لأن نصيب الأب مقدر في كتاب الله تعالى، فلو أخذ كل واحد منهما ميراثا كاملا، يصير زيادة على المفروض في كتاب الله تعالى، أما ميراث الابن غير مقدر، فاستحقاقه ميراث ابن كامل من كل واحد منهما لا يؤدي إلى التغيير.

هذا إذا ماتا، وأديت كتابتهما معا، فإن كانا لرجلين، أو لرجل واحد، وكتابتهما مختلفة؛ فقتلا معا، أو على التعاقب، أو ماتا معا، أو على التعاقب، وترك كل واحد منهما وفاء، وبينهما ولدٌ وُلِد في كتابتهما من جارية مشتركة بينهما، فأديت كتابة أحدهما، ثم أديت كتابة الآخر، على قول أبي حنيفة هذا وما لو أديت كتابتهما معا سواء، يعتق الولد تبعا لهما، وولاؤه لمولى الكاتبين (١)؛ وإن عنده العتق يتجزأ، فإنما يعتق بعتق كل واحد منهما نصف الولد الذي هو تبع له، وكذا الجارية تعتق من جهة المكاتبين، وولاؤها لمولى الكاتبين (٢)، ولا يرث الابن مع المكاتبين، ولا من أحدهما لما قلنا.

وعلى قول أبي يوسف ومحمد (٣): يعتق الولد كله تبعا للذي أديت كتابته أولا، سواء مات هو أولا أو آخرا؛ لأن عندهما العتق لا يتجزأ، فإذا أديت كتابة أحدهما عتق، وعتق معه من الولد النصف الذي كان تبعا له، ويعتق الباقي ضرورة، فإنه لا يتجزأ، ويظهر استناد العتق في النصف دون النصف لما قلنا، فلا يرث منهما، ويكون (٤) ولاء الولد لمولى الأب الذي أديت كتابته أولا؛ لأنَّه عتق من جهته، ولا سعاية على الولد في


(١) في (ج) و (د): وولاه الولد لمولاهما.
(٢) في (ج) و (د): لمولاهما.
(٣) في (ج) و (د): عندهما.
(٤) يكون ساقط من (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>