للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنه سبي مع امرأته، وقررهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على النكاح بإقرارهما، فيقبل إقرارهما إلا إذا تضمن إقرارهما بذلك إبطال ملك خاص، أو حق خاص (١) على المسلم، لأن ذلك لا يصح من المسلم، فمن الكافر أولى.

وكما يصح إقرارهما بالنكاح، يصح بالنسب؛ لأن أنسابهم ثابتة، وبالسبي لا تنقطع، فمست الحاجة إلى أن يكون لإثباته طريقا، وليس ذلك إلا الإقرار لما قلنا في النكاح وشهادة القابلة على الولاية (٢)، فصح الإقرار بالنسب إلا ما كان فيه حمل النسب على الغير، كدعوى المرأة الولد، فإنه لا يصح إلا بتصديق الزوج على الولادة؛ لأن فيه حمل النسب على الزوج.

والأصل الثاني: ما عرف في "المبسوط" أن الدين يثبت بالتبعيّة، وأقوى التبعية تبعية الأبوين؛ لأنهما سبب لوجوده (٣)، قال عليه السلام: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه


(١) انظر "الفتاوى التاتارخانية": ٥/ ٣٦٥.
(٢) "وشهادة القابلة على الولاية": ساقط من (ج) و (د).
(٣) لقد وضّح العلامة ابن القيم -رحمه الله- هذه المسألة بإسهاب قي كتابه القيم "أحكام أهل الذمة" حيث يقول: لما كان الطفل غير مستقل بنفسه لم يكن له بدمن ولي يقوم بمصالحة، ويكون تابعا له، وأحق من نصب لذلك الأبوان: إذ هما السبب في وجوده، وهو جزء منهما، ولهذا كان لهما من الحق ما لم يكن لأحد سواهما فكان أخص به، وأحق بكفالته وتربيته من كل أحد، وكان من ضرورة ذلك إن ينشأ على دينهما كما ينشأ على لغتهما فأبواه يهودانه أو ينصرانيه أو يمجسانه … "، انظر "أحكام أهل الذمة": ٢/ ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>