للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نتحدث، فيعيد عليه أبو يوسف ما مضى، فجاء يومًا ونحن نتحدث، فسأله أبو يوسف عن مسألة مرت من المسائل، فأجاب محمد عنها بخلاف ما مضى، فقال أبو يوسف ليس هذا الجواب، فتنازعا فيها، فقال محمد: "ليس هذا قوله، إلى أن دعا بالكتاب فإذا الجواب كما قال محمد بن الحسن. قال أبو يوسف هكذا يكون الحفظ (١).

٣ - الإمام مالك (١٧٩ هـ): هو شيخ الإسلام، إمام دار الهجرة، أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر … الأصبحي المدني. كان فقيهًا محدثًا يعد من التابعين، وكانت أمه قد حملت به لمدة سنتين ولد في سنة ٩٣ هـ، عام موت أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وطلب العلم وهو حَدَث ابن بضع عَشْرة سنة … فأخذ عن نافع، وسعيد المقبُري، وعامر بن عبد الله بن زبير، وابن المنكدر، والزهري، وعبد الله بن دينار، وخلق كثير جدًّا، كما يظهر من "الموطأ".

وتأهّل للفتيا، وجلس للإفادة، وله إحدى وعشرون سنة، وحدّث عنه جماعة وهو شاب طريّ، وقصده طلبة العلم من الآفاق، وحدّث عنه شيوخه: عمّه أبو سُهَيل، ويحيى بن أبي كثير، والزهري، ويحيى بن سعيد وغيرهم. ومن أقرانه: مَعْمَر، وابن جُريج، وأبو حنيفة، وعمرو بن الحارث، وشعبة، والثوري، والليث، وسفيان بن عُيَينة، وأبو إسحاق الفَزاري، ومحمد بن الحسن الفقيه، وعبد الرحمن بن القاسم … وغيرهم (٢).

ومن كلمات الأئمة في الثناء عليه: قال ابن عيينة: مالك عالم أهل الحجاز، وهو حجّة زمانه. وقال الشافعي - وصَدَق وبرَّ -: إذا ذكُر العلماء فمالك النجم (٣).

ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكًا في العلم، والفقه، والجلالة، والحفظ. وما زال العلماء قديمًا وحديثًا لهم أتمّ اعتناء برواية "الموطأ" ومعرفته، (٤). ورواية


(١) "بلوغ الأماني في سيرة الإمام محمد بن الحسن الشيباني" ص ٣٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ٨/ ٤٨ - ٥٥.
(٣) سير أعلام النبلاء ٨/ ٥٧ - ٧٠.
(٤) سير أعلام النبلاء ٨/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>