للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل (١) على نفسه صدقةٌ، وعلى عَيَاله صدقة" (٢)، فلا يتقيّد بالتمليك إلا بدليل (٣).

إذا عرفنا هذا، قال محمد رحمه الله: من عجَز عن صوم رمَضان لمرض، أو سفَر، أو حَمل، أو رضاع، بأن خافت على نفسب، أو ولدها الهلاك، كان عليه القضاء، ولا يجوز له الفدية (٤).

لأن بهذه العوارض لا يصير الصوم مَأيوسًا عنه، بل يُرجى (٥) وجود عدّةٍ من أيام أخَر، وقد ذكرنا أنه لا يصار إلى الفدية إلا عند اليأس عن الصوم، بخلاف "الشيخ الفاني" (٦) لأن ذلك عَجْزٌ لا يُرجى زواله، بل يزداد كلَّ يوم إلى أن يكون آخره الموت (٧).


(١) وفي الف و ب: "المرء".
(٢) أخرج ابن ماجة عن المقدام بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما مِن كَسبِ الرجل كسب أطيَب مِن عَملِ يَديه، وما أنفَقَ الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو له صدقة" كاب التجارات، باب الحث على المكاسب، ١/ ١٥٥، وروي عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل معروف صدقة، وما أنفَق الرجل على نفسِه وأهله فهو له صدقة، وما وقي به عرفَ فهو صدقة، رواه الحاكم في المستدرك، في البيوع، وقال: حديث صحيح الإسناد، باب كل معروف صدقة، ٢/ ٥٠، كما رواه الدارقطني في سننه، في البيوع، ص ٣٠، وأخرج الطبراني في "معجمه" عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من أنفَقَ على نفسه نفقةً فهي له صدقة، ومن أنفق على امرأتِه وأهله وولده فهو له صدقة" انظر: "نصب الراية" للزيلعي، ٣/ ٣٧٩.
(٣) قوله: "فلا يتقيد بالتمليك إلا بدليل".
(٤) انظر: "ردّ المحتار" ٢/ ١١٩، و "فتح القدير" ٢/ ٨٢.
(٥) وفي الف و ب: "ويرجى".
(٦) "الشيخ الفاني": هو العاجز عن الصوم عجزا مستمرا، قال النسفي: هو الهرم الذي فنيت قوته، وقال ابن عابدين: هو الذي فنيت قوته أو أشرَفَ على الفناء، ولذا عرّفوه بأنه الذي كل يوم في نقص. وسمّي فانيا إما لقربه إلى الفناء أو لأنه فنيت قوته. انظر: "طلبة الطلبة" ص ٥٩، "ردّ المحتار" ٢/ ١١٩، "العناية" ٢/ ٨٢.
(٧) يشترط لوقوع الفدية بدلا عن صوم دوامُ العجز عن الصوم، وحُدوث القوة للشيخ الفاني موهوم، فلو قدر على الصوم بعد أداء الفدية يبطل حكم الفداء، لأن شرط الخلفية استمرار العجز. راجع "الهداية" و"فتح القدير" ٢/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>