للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَين العباد.

قلنا: تشبيه دَين الله تعالى بدَين العباد، إنما عرف في الحجّ بخبر الواحد، وأنه يُوجِب العمل دون العلم، فلِمكان أنه يوجب العمل، قال بالجواز، ولمكان أنه لا يوجب العلَم، علّقه بالمشيئة (١).

وكل مريض لم يَبرأ، أو مسافر لم يُقِم، حتى مات، لا شيء عليه؛ لأنه لم يُدرك عِدّةً من أيام أخَر (٢).

فإن أوصى بأن يطعموا عنه، ومات، وجب عليهم أن يطعموا عنه من ماله (٣)، لكل يوم نصف صاع؛ لأن تنفيذ الوصيّة حق على الوارث، ولو أمرهم بأن يطعموا عنه ما لا يكون واجبًا عليه، تنفذ الوصيّة، فإذا أوصى بما كان واجبًا عليه، أولى.


(١) أوضحه الإمام السرخسي بمزيد من التفصيل فقال: فإن قيل: فلماذا قيّد الجواب بالاستثناء بعدما صحّ الحديث فيه؟ قلنا: لأن خبر الواحد لا يوجب علم اليقين، فإن قيل: فقد أطلق الجواب في كثير من الأحكام الثابتة بخبر الواحد؟ قلنا: خبر الواحد موجب للعمل، ففيما طريقُه العمل، أطلقَ الجواب فيه، فأما سقوط حجة الإسلام عن الميت بأداء الورثة، فإنه أمر بينه وبين ربه تعالى، فلهذا قيّد الجواب بالاستثناء. "المبسوط" ٤/ ١٦١.
(٢) وإن الله تعالى أوجب عليهما القضاء في عِدَة من أيام أخر، ولم يُدركا عدة من أيام أخر، فلهذا لو صح المريض وأقام المسافر، ولم يقضيا ثم ماتا، لزمهما القضاء بقدر الصحة والإقامة، لوجود الإدراك بهذا المقدار، وفائدة لزوم القضاء وجوب الوصية بالإطعام. انظر: "الهداية" وشرحها "العناية" ٢/ ٨٠.
(٣) أي من ثلث التركة، وهذا معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>