للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان الطلاق مضافًا إلى وقت، فأنكر وقوعَه بعد مجيئ وقته، لا يقبل قوله؛ لأن المضاف إلى وقت، ينزل عند الوقت ظاهرًا، فإذا أنكر الوقوعَ، كان مكذبًا من حيث الظاهر.

وهذا في الحقيقة بناءًا (١) على أن التعليق ليس بسببٍ عندنا، وإنما يصير سببًا عند الشرط، فإذا أنكر الشرط فقد أنكر السبب، أما الإضافة فهو (٢) سبب في الحال (٣)، فإذا أقَرّ بالسبب، فقد أقرّ بالحكم.

وأصل آخر: أن المرأة إذا أخبَرَت عن الحيض أو الطهر في وقته، قُبِل قولُها، لأنها مَنهيّة عن الكتمان (٤)، والنهي عن الكتمان أمر بالإظهار، وفائدة الأمر القبول (٥).


= ثبت وجودها في وقتٍ ما، فإن الأصل فيها حينئذ البقاء بعد ثبوت وجودها. راجع: "الأشباه والنظائره" لابن نجيم ص ٦٩، ٧١، "الأشباه والنظائر" للسيوطي ص ٢٤، "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" ١/ ٢٣، "شرح القواعد الفقهية" ص ٦٩.
(١) كذا في (أ) و (ب)، وفي الأصل: "بَنى".
(٢) "فهو" ساقط من النسخ الأخرى.
(٣) أي: إن إضافة الطلاق إلى وقت سبب للحال، لكن تأخّر حكمه إلى أن يجيئ الوقت، فإذا جاء ذلك الوقت فقد وقع الطلاق ظاهرًا نظرًا إلى السبب، فإذا ادّعى بعد ذلك ما يبطل الطلاق الواقع أو ادّعى مانعًا يمنع من الوقوع، لا يقبل قوله للتعارض، أما الطلاق المعلق بصريح الشرط إنما يصير سببًا عند الشرط، فإذا أنكر الشرط فقد أنكر وجود السبب. انظر "شرح الزيادات" للعتّابي، ورق ٣٠. وانظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم ص ٢٠٨.
(٤) قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} أي من حبل أو حيض، قاله ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي والحكم بن عيينة والربيع بن أنس والضحاك وغير واحد، وقوله: {إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} تهديدٌ لهنّ على خلاف الحق، ودلّ هذا على أن المرجع في هذا إليهن، لأنه أمر لا يعلم إلا من جِهتهن، ويتعذّر إقامة البينة غالبًا على ذلك، فردّ الأمر إليهن، وتوعدهّن فيه لئلا يُخبرن بغير الحق، إما استعجالًا منها لانقضاء العدة أو رغبة منها في تطويلها لما لها في ذلك من المقاصد، فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك من غير زيادة ولا نقصان: "تفسير ابن كثير" ١/ ٢٣٥.
(٥) قال الإمام أبو بكر الجصاص: لما وعظها بترك الكتمان دلّ على أن القول قولها في وجود الحيض أو عدمه، وكذلك في الحبل، لأنهما مما خلق الله في رحمها، ولولا أن قولها فيه مقبول لما وعظت بترك الكتمان، ولا كتمان لها، فثبت بذلك أن المرأة إذا قالت "أنا حائض" لم يحل لزوجها وَطؤها وأنها إذا قالت "قد طهرت" حل له وطؤها "أحكام القرآن" للجصاص، ١/ ٤٥٠ وقال ابن الهمام: إنها أمينة مأمورة بإظهار ما في رحمها، بقوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}، وتحريم كتمانها أمر بالإظهار، وفائدة الأمر بالإظهار ترتيب أحكام المظهر، وهو فرع قبوله. "فتح القدير" ٣/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>