للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتصل التفسير بالخيار الثاني، فصار كأنه قال: اختاري فطلِّقي نفسك.

ولو قال: "أمرك بيدك، واختاري، فطلِّقي نفسك"، فقالت: "اخترت نفسي"، بانت بتطليقتين، لأنه عطَف الخيارَ على الأمر بحرف الواو، وذكَر الطلاق على وجه التفسير، فيصير تفسيرًا لهما، وقولها: "اخترت"، يصلح جوابًا لهما.

ألا ترى أنه لو ذكر بعدهما استثناء أو شرطًا، ينصرف إليهما، تحقيقًا للمشاركة (١)، كذلك هنا، ويحلف بالله ما أراد بالأمر الثلاث، لما مرّ (٢).

ولو قال: "أمرك بيدك، واختاري، وطلِّقي نفسك"، فقالت: "اخترت نفسي"، وقال الزوج: "لم أنو باللفظ الأوّل والثاني طلاقًا"، وحلف، كان مصدّقًا، ولا يقع شيء، لأن الواو للعطف دون التفسير، فبقي الأوّل والثاني مبهمًا، والثالث إيجاب مبتدأ، إلّا أن قولها: "اخترت" لا يصلح جوابًا له، حتى لو قالت: "طلَّقت نفسي"، يقع واحدة رجعية.

ولو قال: "أمرك بيدك، فاختاري، فطلّقي نفسك"، فقالت: "اخترت نفسي"، بانت بواحدة، لأن قوله: "فاختاري" خرج تفسيرًا وحكمًا للأمر، فإن الأمر يصلح علّة للاختيار، ويصلح الاختبار تفسيرًا للأمر أيضًا، لأن الأمر أشدّ إبهامًا من الاختيار، لأن الأمر باليد يحتمل الثلاث، والاختيار لا يحتمل، فصار الاختيار تفسيرا للأمر، وإن كان


(١) وفي (أ) و (ب): "للمساواة".
وذكر الإمام السرخسي أن الواو للعطف مطلقًا، فيكون موجَبه الاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه في الخبر من غير أن يقتضي مقارنة أو ترتيبًا، وهو قول أكثر أهل اللغة. انظر "أصول السرخسي" ١/ ٢٠٠.
(٢) "لما مر" ساقط من (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>