للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: إذا كان الأمر عِلّة، كان مقدّما معنًى، ولو قدم الأمر في الذكر، فقال: "أمرك بيدك، فاختاري، وطلِّقي نفسك"، كان العامل هو الأمر، فكذلك ههنا.

والجواب عنه من وجهين: أحدهما: أنّ الأمر وإن كان عِلّة لا يحتاج إلى تقديمه في الذكر، فلا يقدم.

والثاني: أنّ الاختيار مقدّم من حيث الصورة، ولم يدخل فيه حرف الفاء، وإنما جعل مؤخّرًا، ضرورة أنّ الأمر لا يصلح تفسيرًا له، فلا يظهر ذلك في حق العطف، فبقي الطلاق معطوفًا على العِلّة، وهي الأمر، ولا يصير عطفًا على التفسير.

ولو قال: "اختاري، فأمرك بيدك، فطلّقي نفسك"، فقالت: "اخترت نفسي"، بانت بواحدة، وقد ذكرنا قبل هذا.

وكذا لو قال: "اختاري، فطلّقي نفسك، فأمرك بيدك"، فاختارت أو طلَّقت، تقع تطليقة بائنة، لأنه جعل الأمر عِلّة للاختيار المفسّر بالطلاق، كأنه قال: "اختاري، فطلّقي نفسك، لأني جعلت الأمر بيدك".

ولو قال: "أمرك بيدك، فاختاري، فطلّقي نفسك"، فقالت: "اخترت نفسي أو طلَّقت"، ذكرنا أنه تقع واحدة بائنة، ويحلف على الثلاث، لأن الاختيار تفسير للأمر، والطلاق عطف على التفسير، فيكون تفسيرًا.

إذا قال لامرأته في غير غضب، ولا ذكرِ طلاق: "أمرك بيدك، فاختاري"، أو "اختاري، فأمرك بيدك"، فالحكم للأمر، حتى تصح نية الثلاث فيه (١)، ويحلف على


(١) "فيه" ساقط من (أ) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>