للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه، دون غيره (١).

والقضاء بالحريّة وفروعها قضاء على كافّة الناس، لأن الحرية تُثبت أحكاما متعدّية من أهلية الولايات والشهادات وغيرها (٢)، فالقضاء بها قضاء بتلك الأحكام، فيتعدّى إلى الكل، وينتَصِب البعض خصما عن البعض (٣).

أما القضاء على ذي اليد قضاء بعدم ملكه، فينعدم ملك بائعه ضرورةً، ولا ينعدم ملك غيره، إذ ليس من ضرورة عدم ملك ذي اليد عدم ملك غيره.

وحقيقة الفقه فيه أن القضاء بالحرية قضاء بعدم الرقّ، والرقّ إذا انعدم في حق شخص ينعدم في حق الكل، إذ يستحيل أن يكون الشخص رقيقا في حق زيد، حرًا في حق عمرو.


(١) ومثله ما ذكره قاضي خان في ص ١٨١٧: "القضاء بالملك المطلق قضاء على المدعى عليه وعلى من تَلقّى الملك منه".
(٢) ولذا عرّف الفقهاء الحرية والعتق في الاصطلاح: بأنه إثبات القوة الشرعية التي بها يصير المعتَق أهلا للشهادات والولايات، قادرا على التصرف في الأغيار، وعلى دفع تصرف الأغيار عن نفسه. كذا في "درر الحكام في شرح غرر الأحكام" لملا خسرو، ٢/ ٢، وانظر: "تبيين الحقائق" ٣/ ٦٦، و"مغني المحتاج" ٤/ ٤٩١، و"أنيس الفقهاء" ص ١٦٨.
(٣) لأن الحرية حقّ الله تعالى، ولهذا لا يجوز استرقاق الحر برضاه، والناس كلهم خصوم في إثبات حقوق الله تعالى بعلّة النيابة عن الله تعالى لكونهم عبيد الله، فكان حَضرة الواحد حضرة الكل، والقضاء على الواحد قضاء على الكل، كالورثة لما قاموا مقام المورث في إثبات حقوقه وفي الدفع عنه بعلة الخلافة، قام البعض مقام الكل، كذلك ههنا. "شرح الزيادات" للعتابي، مخطوط، ورق ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>