للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وصل العبد إلى الوكيل بوجه من الوجوه، لا يؤمر بتسليمه إلى من كان فى يده، لأن المساومة إقرار من حيث الظاهر، فلا تصلح حجة للاستحقاق.

ولو أقام المدّعى عليه البينة أنه ساومه في مجلس القاضي، أخرجه القاضي من الوكالة، وبطلت خصومة الموكل، لأن المساومة إقرار بالملك ظاهرا.

والأصل في هذا: أنّ الوكيل إذا أقرّ لغير الموكل بالملك، فإن كان الإقرار قبل التوكيل، خرج من أن يكون خصما لمكان التناقض، ولا تَبطل خصومة الموكل؛ لأن الإقرار قبل التوكيل إقرار الأجنبيّ، فلا يلزم غيره.

وإن أقرّ بذلك بعد التوكيل، فإن كان الإقرار في مجلس الحكم، يخرج من أن يكون خصما، وتبطل خصومة الموكل، لأن إقرار الوكيل على موكّله في مجلس الحكم يلزم الموكل عندنا (١)، خلافا لزفر والشافعي (٢) رحمهما الله، إلا إذا كان الموكل استثنى


(١) هذا مقيد عند الحنفية بالإقرار في غير الحدود والقصاص، فالوكيل بالخصومة يملك الإقرار على، موكله في غيرهما، لأن الوكيل بالخصومة وكيل بالجواب عن دعوى المدعي لبيان الحق وإثباته، وليس للمنازعة فقط، والجواب قد يكون إنكارا وقد يكون إقرارا. انظر "المبسوط" ١٩/ ٤، ٥، "بدائع الصنائع" ٦/ ٢٤، "تكملة فتح القدير" ٦/ ١٠، "الدر المختار" ٤/ ٤٣٠.
(٢) ذهب الشافعية والمالكية والحنابلة وزفر من الحنفية إلى أن الوكالة إذا كانت مطلقة لا تتضمّن الإقرار على الموكل، فلو وكّل رجلا بالخصومة لا يقبل إقراره على موكله بقبض الحق وغيره، لأن الوكالة بالخصومة معناها التوكيل بالمنازعة، والإقرار مسالمة، لأنه يقطع الخصومة في النهاية، فهو يتنافي مع معنى الوكالة بالخصومة، فلا يملكه الوكيل كالإبراء. أنظر "المهذب" ١/ ٣٥١، "المجموع" للنووي ١٣/ ٥٥٧، ٥٥٨، "المغني" لابن قدامة ٥/ ٩١.
واستثنى المالكية منه حالتان: الأولى إذا كان الوكيل عاما وجعل له الموكل الإقرار في عقد =

<<  <  ج: ص:  >  >>