للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أواخر مثل قولك: أفضل وأفاضل، وآخرين إن كان لمن يعقل، كقوله تعالى: "وآخرون يضربون" (١). وإنما جُمع ههنا على فعل وهو ي المعنى جمع آخر لأنه للأيام، وواحدها يوم، ويوم إنما يقال فيه آخر باعتبار أصل آخر، وهو أن كل صيغة لموصوف مذكر مما لا يعقل فأنت فيها بالخيار، إن شئت عاملتها معاملة الجمع المذكر، وغن شئت عاملتها معاملة الجمع المؤنث، وإن شئت عاملتها معاملة المفرد المؤنث، فتقول: هذه الكتب الأفاضل والفضليات والفضل والفضلى. فالأفاضل على لفظه في التذكير، والفضليات والفضل إجراء له مجرى جمع المؤنث لكونه لا يعقل، والفضلى إجراء له مجرى الجماعة، وهذا جار ي الصفات والأخبار والأحوال، ولذلك (٢) جاء أخر نعتاً للأيام إجراء له مجرى جمع المؤنث، ولولا ذلك لم يستقم. ولذلك لو قلت: جاءني رجال ورجال أخر، لم يجز حتى تقول: أواخر أو آخرون، لأنه ممن يعقل. وقد أجرت العرب لما لا يعقل من المذكر في الضمائر مثل هذا، ألا تراهم يقولون: الكتب (٣) اشتريتهن، وهو للمذكر، مثل أخر وهو للمذكر، ولم يأت في الضمير لما لا يعقل من المذكر غير الأمرين بالجمع المؤنث وما لمفرده، بخلاف الظاهر فإنه جاء له بالجمع المذكر بمن يعقل إذا كان (٤) مكسراً، كأنهم قصدوا أن يجعلوا لمن يعقل أمراً يختص به. ولما كان في جمع الظواهر جمع تصحيح يختص بمن يعقل شاركوا بين المذكر ممن لا يعقل وبينه في جمع المكسر لاختصاصه بالجمع السالم. وليس في الضمائر لمذكّر من يعقل أمران أحدهما يختص به فيشارك بينه وبين الآخر، فلما لم يكن لجمع المذكر في الضمائر إلا لفظ خصوا به من يعقل، وشركوا بين المذكر ممن لا


(١) المزمل: ٢٠.
(٢) في م: وكذلك. والصواب ما أثبتناه، لأن المقصود التعليل.
(٣) الكتب: سقطت من س.
(٤) كان: سقطت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>