وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة ثماني عشرة على المفصل (١) على قوله: "كما حمل النصب على الجر": معنى قولهم: حمل الرفع على الجر والنصب على الجر وأشباهه، أي: أتى بلفظ لأصل آخر غير ما يقتضيه لفظ أصله، وجعل له. فالمحمول هو الذي عدل عن لفظ أصله، وإن كان في الحقيقة من حيث المعنى موجوداً. والمحمول عليه هو اللفظ الذي وضع لغير أصله وإن كان في المعنى غير موجود، مثاله: إذا قلت: مررت بأحمد، فإن الجر محمول على النصب، لأن الجر ههنا ذكر فيه لفظ غير ما يقتضيه لفظ أصله، فهو المحمول، والمذكور لفظ لأصل آخر غير ما ذكر وهو النصب، لأن الفتح أصل في النصب، فالجر إذن محمول. وإذا قلت: رأيت الزينبات، فالأمر بالعكس، لأن النصب ههنا ذكر فيه لفظ غير ما يقتضيه لفظ أصله، فهو المحمول، والمذكور لفظ لأصل آخر غير ما ذكر وهو الجر. وعلى هذا تتفهم المواضع كلها. فإذا قلت: لولاك، فالرفع محمول على الجر. وإذا قلت: عساك، فالرفع محمول على النصب. وإذا قلت: ما أنا كأنت، فالجر محمول على الرفع. والأصل أن تنظر، فمهما وجدت اللفظ لغير ما هو له في المحل المخصوص فاحكم بأن مدلوله هو المحمول في المحل المخصوص. فلذلك إذا قلت: ما أنا كأنت، وجدت اللفظ للجر، وليس هذا اللفظ لفظ المجرور. فعلمت أنه المحمول. ثم تنظر ما الذي هو أصل اللفظ فتعلم أنه للرفع فتحكم بأنه محمول عليه. وعلى هذا تجري المسائل كلها.