إنما أراد أن ينهاه عن الجمع بين خلق ذميم وارتكابه، ولذلك قال:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها (١)
يشير أنك إذا جمعت بين هذين الأمرين لم يكن نهيك بمسموع ولا مقبول، وإنما يكون مقبولا إذا نهيت وأنت على غيره، ولذلك قال:
فهناك يسمع ما تقول ويقتدى ... بالرأي منك وينفع التعليم
وهذه الواو معناها الجمع بين الحكمين المطلوبين أمرا ونهيا واستفهاما. وحمل النفي في الباب على النهي. وليست كالواو التي يعطف بها مفرد على مفرد مثله، فإنها لا تدل على معية ولا ترتيب. وإذا قلنا فيها للجمع المطلق، فمعناه أن المعطوف والمعطوف عليه اجتمعا في نسبة الحكم إليهما من غير تعرض لمعية ولا ترتيب. والمراد ههنا في قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، الجمع بين الفعلين. فلا ينفك أن يكونا في وقت واحد، فإن الفعلين إما أن يكونا مفترقين أو مجتمعين. وإذا كانا مجتمعين لزم أن يكونا في وقت واحد، وإلا فهما مفترقان.
[إملاء ١٨٩]
[علة وقوع "أن" في خبر "عسى" دون السين وسوف]
وقال: إنما أوقعت "أن" في خبر"عسى" دون السين وسوف لأمرين: أحدهما: أنها تأول با لاسم الذي هو المصدر، والمعنى عليه، فكانت أولى مما