للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٦٣]

[الجواب على إشكال في قوله تعالى: {إلا هي أكبر من أختها}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {ما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها} (١): قد استشكل من جهة أن أفعل التفصيل إذا نسب إلى شيء وجب أن تكون فيه زيادة على المفصل عليه، فلا يتسقيم أن يقال: الزيدان كل واحد منهما أفضل من الآخر، لما يؤدي إليه من إثبات الزيادة ونفيها في كل واحد منهما، فقوله تعالى: {هي أكبر من أختها} شامل للجميع، فيلزم أن تكون كل واحدة منهما أكبر من الأخرى، وذلك يؤدي إلى أن تكون أكبر وليس بأكبر (٢). والجواب عنه من وجوه: أحها: أن يكون المراد إنما يأتي أكبر مما تقدم فيكون المراد بقوله: من أختها، أي: من أختها المتقدمة عليها. الثاني: أن يكون المراد: إلا هي أكبر من أختها من وجه، وقد يكون الشيئان كل واحد منهما أفضل من الآخر من وجه. الثالث: أن يراد: إلا هي أكبر من أختها عندهم وقت حصولها، لأن لمشاهدة الآية أثراً في النفس عظيماً ليس للغائب منها، وإن كان الغائب أكبر، فإن الإنسان يعظم عنده مشاهدة عصا، تنقلب عقرباً أكبر من عظم علمه بأنها تنقلب حية، وإن كان انقلابها حية أعظم في التحقيق. وإنما الشماهدة لها أثر في تعظيم الشيء في النفس. والله أعلم بالصواب.


(١) الزخرف: ٤٨.
(٢) قال الزمخشري: "الغرض بهذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر لا يكون يتفاوتن فيه. وكذلك العادة في الأشياء التي تتلاقى في الفضل وتتفاوت منازلها فيه التفاوت اليسير أن تختلف آراء الناس في تفصيلها". الكشاف ٣/ ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>