لو أن عصم عمايتين ويذبل ... سمعا حديثك أنزلا الأوعالا (١)
يجوز أن يكون في "أنزل" ضمير تثنية عائدا إلى ما عاد إليه الضمير في "سمعا" وهو: عصم عمايتين ويذبل، أي: عصم هذا وعصم هذا، ثم ثنى على تأويل الجمعين كقولك: غنمان وإبلان. أي: لو أن هذين القبيلين سمعا حديثك أنزلا أنفسهما من محالهما التي لا ينقكان عنها اعتصاما بها إلى المحل الذي لا يعتصمان فيه لخروجهما بسماعه عن حال الا عتدال. وإذا كان هذا الحديث فاعلا بما لا يعقل هذا الفعل لحسنه ورونقه فكيف فعله في العقلاء! وأوقع " الأوعال" موقع قوله: أنفسهما، لينزن الشعر وتسقيم القافية، والمعنى واحد؛ لأن الأوعال هي العصم المذكورة في صدر البيت. ويجوز أن لا يكون في "أنزل" ضمير تثنية، ويكون فيه ضمير قوله: حديثك، أي: أنزل حديثك الأوعال. فأوقع " الأوعال" موقع المضمر، والمعنى: أنزلها أو أنزلهما، فأوقع المظهر موقع المضمر ليتزن البيت وتستقيم القافية. وكلا الوجهين حسن مستقيم، والترجيح فيهما لما يثبت نقله منهما.
(١) هذا البيت من الكامل، وهو لجرير. انظر ديوانه ص٣٦١ (بيروت). عماية وبذبل: جبلان بالعالية. معجم البلدان٤/ ١٥٢. وقد ثنى عماية على عادة الشعراء في ذلك. وانظر: الهمع ١/ ٤٢، والدرر١/ ١٧.