للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحصيل المطلوب بسببه. وإذا عدلت إلى ذلك أتت بالفعل الذي المسبب والسبب على صيغة الفعل المطلوب منسوبا الى فاعل ذلك الفعل فيصير في اللفظ كأنه المطلوب، وفاعله كأنه المطلوب منه، والمعنى على ما تقدم. فمن الأول: قوله تعالى: {وليجدوا فيكم غلظة} (١) لما كان المقصود من الأمر بالغلظة إنما هو وجدان العدو ذلك منهم، لا لأنها مطلوبة في نفسها عدل عنها الى مسببها المقصود بها وهو الوجدان، وذكر على صيغة الفعل المطلوب ونسب الى فاعله وهم الكفار عل ما تقدم. ومن الثاني: قوله: {لا يفتننكم الشيطان} (٢). فالمطلوب في الحقيقة هو اجتناب الآثام، ولكنه لما كان سبب الاجتناب اجنتاب فتنة الشيطان عدل اليها عل لفظ المطلوبات ونسبت إلى الشيطان، فصار المطلوب في اللفظ اجتناب أن يجتنب الشيطان الفتنة وهو في لحقيقة لهم على ما تقدم من العدول عن المسبب إلى السبب. وهذا الباب أكثر من أن يحصى. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٨٠]

[الاستثناء في قوله تعالى: {ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك}]

وقال أيضا ممليا بدمشق سنة اثنتين وعشرين على قوله تعالى: {ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} (٣): أما الأول فاستثناء متصل من وجهين: أحدهما: أن المراد بـ (ما دامت السماوات والأرض) جميع الأزمان بعد البعث، فاستثني زمن إقامتهم في


(١) التوبة: ١٢٣.
(٢) الأعراف: ٢٧.
(٣) هود: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>