للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٣]

[توجيه القراءات في قوله تعالى: {لا يعذب عذابه أحد}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة سبع عشرة على قوله تعالى: "فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد" (١): العامل في الظروف (يعذب). وقد جاء ما بعد النفي عاملاً في الظرف في مواضع متعددة، كقوله: "فيومئذ لا يسأل" (٢)، و"قل يوم الفتح لا ينفع" (٣)، "فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم" (٤). وهو كثير. والضمير في (عذابه) في قراءة كسر الذال والثاء (٥) للإنسان المتقدم ذكره (٦). و (أحد) فاعل، أي: لا يعذب معذب يوم القيامة عذاباً مثل عذاب هذا الإنسان. فمهومه أن عذاب غيره دونه لعظم جريمته. ولا يحسن (٧) أن يكون الضمير في (عذابه) لله، لأن المعنى يصير: لا يعذب يوم القيامة عذاب الله أحد. فلا يقوي المعنى لما سيق له، لأن المعنى سيق لتعظيم عذاب الله لهذا الإنسان أكثر من عذاب غيره. وإذا جُعل الكلامُ خبرا، بأن الله ذلك اليوم لا يعذب أحد مثل عذابه فقد هذا المعنى. وأيضاً فإنه يصير مفهومه أن غيره يعذب دون عذابه.

فإن قلت: اجعل المفعول مقدراً، أي: لا يعذب ذلك اليوم مثل عذاب


(١) الفجر: ٢٦.
(٢) الرحمن: ٣٩.
(٣) السجدة: ٢٩.
(٤) الروم: ٥٧.
(٥) وهي قراءة الجمهور. البحر المحيط ٨/ ٤٧١.
(٦) قال الزمخشري: "والضمير لله تعالى أي. لا يتولى عذاب الله أحد، لأن الأمر لله وحده في ذلك اليوم، أو للإنسان، أي: لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه". الكشاف ٤/ ٢٥٣.
(٧) في س: ولا يحصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>