للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه من قال بالمنع ما رأى من احتياج الاستثنناء المنقطع إلى ما قبله لفظا ومعنى. أما اللفظ فلأنه لم يعهد استعمال "إلا" وما في معناها إلا متصلة بما قبلها لفظا. ألا ترى أنك إذا قلت: ما في الدار أحد غير حمار، فوقفت على ما قبل غير، وابتدأت به، لكان قبيحا، فكذلك هذا. وأما المعنى فلأن ما قبله مشعر بتمام الكلام في المعنى. ف‘ن قولك: ما في الدار أحد إلا الحمار، هو الذي صحح قولك: إلا الحمار. ألا ترى أنك لو قلت: إلا الحمار، على إنفراده، كان خطأ.

[إملاء ١٥٢]

[القياس أن يكون المبتدأ معرفة والخبر نكرة]

وقال: القياس يقتضي أن يكون المبتدأ معرفة والخبر نكرة، لأن المبتدأ هو المحكوم عليه، فالأولى أن يكون معروفا عند المخاطب ليستفيد الحكم على معروف (١). إلا أنهم سوغوه في النكرة أيضا لأنهم قد يحتاجون إلى الحكم على النكرة كما يحتاجون إليه في المعرفة. فاشترطوا أن تخصص بوجه من وجوه التخصيصات ليكونوا قد وفوا بالغرضين (٢). وأما كون الخبر نكرة فلأنه حكم لا بد أن يكون للإفادة لمن ليس عنده. فلو عوفوه لم يستقم. لأنك إذا حكمت على زيد بالقيام فقلت: زيد قائم، فلم


(١) قال ابن الأنباري: "لأن المبتدأ مخبر عنه، والإخبار عما لا يعرف لا فائدة منه". أسرار العربية ص ٦٩.
(٢) المبتدأ على نوعين: معرفة وهو القياس، ونكرة إما موصوفة كقوله تعالى: {ولعبد مؤمن خير من مشرك} (البقرة: ٢٢١)، وإما غير موصوفة، كالنكرة الداخلة عليها همزة الاستفهام وام المتصلة، كقولهم: أرجل في الدار أم امرأة؟. والنكرة التي تكون في كلام مقدر بالفاعل، كقولهم: شر أهر ذا ناب. والنكرة التي تقدم عليها خبرها وهو ظرف أو جار ومجرور، كقولهم: تحت رأسي سرج. انظر الإيضاح في شرح المفصل ١/ ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>