للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من) ههنا يجوز أن تكون بمعنى عن، كما تقول: أطعمه عن الجوع ومن الجوع، وكساه عن العري ومن العري، ورمى عن القوس ومن القوس (١)، وأخذت عنه الحديث وأخذت منه الحديث. والأحسن أن تكون على بابها لابتداء الغاية تنبيهاً على أنه ابتداء ما غفل عنه، لأن الذي بعد ذلك من العذاب أشد عليهم، فكان فيه تنبيه على أنه أولى شيء غفل عنه من الشدائد. ولو قيل: عن هذا، لم يكن فيه ذلك المعنى، إذ ليس في "عن" ما يدل على ابتداء له انتهاء، فكانت "من" بهذا المعنى في هذا الوضع أوجه من "عن". والله أعلم بالصواب.

[إملاء ١٠٥]

[وجه فتح همزة أن وكسرها في آيات من سورة الجن]

وقال أيضاً ممليا بدمشق سنة اثنتين وعشرين على قوله تعالى: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن} (٢): أما الكسر (٣) فعلى العطف على ما بعد القول في قوله: {فقالوا إنا سمعنا} (٤)، إلا قوله: {وأنه لما قام عبد الله} (٥)، فإن الأحسن أن يكون مستأنفا لقوله: {كادوا يكونون عليه لبدا} (٦)، لأنه لو كان على قوله: إنا سمعنا،


(١) وعن في هذه الأمثلة معناها البعد والمجاوزة. انظر المفصل ص ١١٣.
(٢) الجن: ١.
(٣) أي كسر همزة إن في الآيات التي تلي الآية المذكورة. ما عدا قوله: "وأن المساجد لله" وقوله: "وأن لو استقاموا على الطريقة". وهذه قراءة المدنيين. انظر إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٥٢١.
(٤) الجن: ١.
(٥) الجن: ١٩.
(٦) الجن: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>